التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

وبعد أن فضح الله - تعالى - المنافقين ومن على شاكلتهم فى الكفر والضلال ، وبين سوء عاقبتهم بسبب مسالكهم الخبيثة . . . بعد كل ذلك وجه الله - تعالى - ثلاث نداءات إلى المؤمنين ، أدبهم فيها بأدبه السامى . . . فقال - تعالى - : { ياأيها الذين آمنوا إِذَا . . . } .

قوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ } تعليم وإرشاد منه - سبحانه - للمؤمنين ، لكى يكون حديثهم فيما بينهم ، يقوم على الخير لا على الشر ، وعلى الطاعة لا على المعصية ، وعلى البر والتقوى لا على الإثم والعدوان ، حتى لا يتشبهوا بالمنافقين ، الذين كانوا على النقيض من ذلك ، أى : يا من آمنتم بالله - تعالى - حق الإيمان ، { إِذَا تَنَاجَيْتُمْ } بأن أسر بعضكم إلى بعض حديثا { فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول } كما هو شأن المنافقين ومن على شاكلتهم فى الكفر والضلال .

{ وَتَنَاجَوْاْ } فيما بينكم { بالبر والتقوى } والبر ضد الإثم والعدوان ، وهو يعم جميع أفعال الخير التى أمر الله - تعالى - بها . والتقوى : الامتثال لأمر الله - تعالى - وصيانة النفس عن كل مالا يرضاه .

ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : { واتقوا الله الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي : وراقبوا الله - تعالى - فى كل أحوالكم ، فإنه وحده يكون مرجعكم يوم القيامة ، وسيبعثكم ويجمعكم للحساب والجزاء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرّ وَالتّقْوَىَ وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله إذَا تَناجَيْتُمْ بينكم فَلا تَتَناجَوْا بالإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَ لكن تَنَاجَوْا بالْبِرّ يعني طاعة الله وما يقرّبكم منه ، { والتّقْوَى }يقول : وباتقائه بأداء ما كلّفكم من فرائضه واجتناب معاصيه ؛ { وَاتّقُوا اللّهَ الّذِي إلَيْهِ تُحْشَرونَ }يقول : وخافوا الله الذي إليه مصيركم ، وعنده مجتمعكم في تضييع فرائضه ، والتقدّم على معاصيه أن يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه .