الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّهُۥ مَن يَأۡتِ رَبَّهُۥ مُجۡرِمٗا فَإِنَّ لَهُۥ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحۡيَىٰ} (74)

وقوله عز وجل : { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى } [ طه : 74 ] .

قالت فرقة : هذه الآيةُ بجملتها مِنْ كلام السحرة لفرعون على جهة الموعظة له ، والبيان فيما فعلُوه . وقالتْ فرقةٌ : بلْ هي مِنْ كَلامِ اللَّه عز وجل لنبيّنَا محمدٍ صلى الله عليه وسلم تنبيهاً على قُبْح ما فعل فرعون ، وحُسْنِ ما فعل السحرة ، وموعظة ، وتحذِيراً قد تضمنت القِصّة المذكورة مثاله .

وقوله : { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى } مختصٌّ بالكافر فإنه مُعَذّب عذاباً ينتهي به إلى الموت ، ثم لا يُجْهز عليه فيستريح ، بل يُعاد جلده ، ويجدّدُ عذابه ، وأما مَنْ يدخل النار من المؤمنين بالمعاصي ، فهم قبل أن تخرجهم الشفاعةُ في غمرة قد قاربوا الموت ، إلا أنّهم لا يُجْهز عليهم ، ولا يجدد عذابهم فهذا فرقُ ما بينهم وبين الكفار ، وفي الحديث الصحيح : ( إنَّهُمْ يُمَاتُونَ فِيهَا إمَاتَةً ) ، وهذا هو معناها لأنه لاَ مَوْتَ في الآخرة .