الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّهُۥ مَن يَأۡتِ رَبَّهُۥ مُجۡرِمٗا فَإِنَّ لَهُۥ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحۡيَىٰ} (74)

قوله تعالى ذكره : { إنه من يات ربه مجرما }[ 73 ] إلى قوله : { ولا تخشى }[ 76 ] .

والمعنى : إن السحرة قالوا لفرعون { إنه ما يات ربه مجرما } أي مكتسبا الكفر ، فإن له جهنم أي : مأواه [ جهنم ومسكنه ] جزاء على كفره . { لا يموت فيها } فتخرج نفسه { ولا يحيى } فتستقر نفسه في مقرها ، ولكنها تتعلق بالحناجر . وعلق الإتيان بالله مجازا في هذا . والمعنى : من يأت موعد ربه ){[45330]} كما قال إبراهيم : { إني ذاهب إلى ربي سيهدين }{[45331]} أي : إلى موعد ربي . وليس الإتيان إلى الله إتيان{[45332]} مقاربة منه ، لأنه قريب في كل أوان لا يبعده مكان ولا يقربه مكان ، ولا يحويه مكان دون مكان ، ولا يحتاج إلى مكان لأنه تعالى لم يزل قديما قبل المكان ولا تجوز صفة القرب بالمكان{[45333]} إلا على الأجسام ، لأنها محدثة بعد حدوث المكان ، وكان الله ولا مكان . فالإتيان إلى الله إنما هو إتيان من الخلق يوم القيامة إلى ثواب الله وجزائه ، وكذلك المعنى فيما كان مثله .


[45330]:ز: موعدي به. (تحريف).
[45331]:الصافات آية 99.
[45332]:(إلى الله إتيان) سقط من ز.
[45333]:ز: من المكان.