{ إنه } أي الشأن { من يأت ربه } أي حيث لا حكم إلا هو فيسقط استدلال المجسمة حال كون الآتي { مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها } موتة مريحة { ولا يحيى } حياة ممتعة .
قالت المعتزلة : صاحب الكبيرة مجرم وكل مجرم فإن له جهنم بالآية لعموم " من " الشرطية بدليل صحة الاستثناء فيحل القطع بوعيد أصحاب الكبائر . أجابت الأشاعرة بأن المجرم كثيراً ما يجيء في القرآن بمعنى الكافر كقوله { يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر } إلى قوله { وكنا نكذب بيوم الدين } [ المدثر : 46 ] ولا ريب أن التكذيب بالبعث والجزاء كفر ، وكقوله { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون } [ المطففين : 29 ] إلى آخر السورة . فلم قلتم : إن المجرم ههنا ليس بمعنى الكافر فتبطل المقدمة الأولى ؟ سلمنا لكن المقدمة الثانية كليتها ممنوعة على الإطلاق وإنما هي كلية بشرط عدم العفو ، وحينئذٍ لا يحصل القطع بالوعيد على الإطلاق .سلمنا المقدمتين والنتيجة لكنه معارض بعموم الوعد في قوله : { ومن يأته مؤمناً } فإن قيل : صاحب الكبيرة لم يأته مؤمناً عندنا . قلنا : يصدق عليه المؤمن لأن الإيمان صدر عنه في الزمان الماضي كالضارب على من قد ضرب أمس وليس بين الحال والزمان الماضي منافاة كلية ولهذا صح " جاءني زيد قد قام " بل صح قوله { قد عمل الصالحات } وأنه حال آخر فكأنه قيل : ومن يأته قد آمن قد عمل . ولئن قيل : إن عقاب المعصية يحبط ثواب الطاعة . قلنا : ممنوع بل العكس أولى لأن الدفع أسهل من الرفع وإقامة الحد على التائب في بعض الصور لأجل المحنة لا لأجل التنكيل . وقوله { نكالاً من الله } في حق من لم يتب بعد من السرقة سلمنا أن قوله { ومن يأته مؤمناً } لا يعم صاحب الكبيرة إلا أن قوله { فأولئك لهم الدرجات العلى } من الجنة لمن أتى بالإيمان والأعمال الصالحات أي الواجبات ، لأن الزائدة عليها غير محصور فسائر الدرجات التي غير عالية لا بد أن تكون لغيرهم وما هم إلا العصاة من أهل الإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.