الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَجَعَلُواْ بَيۡنَهُۥ وَبَيۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبٗاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ ٱلۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ} (158)

وقوله تعالى : { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً } : { الجِنَّةُ } هنا : قيل : همُ الملائِكَةُ : لأنها مُسْتَجِنَّةٌ ، أي : مُسْتَتِرَةٌ ، وقيل : الجِنَّةُ همُ الشياطينُ ، والضميرُ في { وَجَعَلُواْ } لفِرْقَةٍ من كفارِ قريشٍ والعَرَبِ .

{ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي : سَتَحْضُرُ أَمْرَ اللَّهِ وثوابَه وعقابَه ، ثم نَزَّهَ تعالى نفسَه عما يصِفُهُ الكفرةُ ، ومِنْ هَذا استثنى عبادَه المُخْلَصِينَ ؛ لأنّهُمْ يَصِفُونَهُ بِصِفَاتِهِ العُلاَ ، وقالت فرقة : اسْتَثْنَاهُمْ من قولِه : { لَمُحْضَرُونَ } ، وعبارةُ الثعلبي : { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة } أي : الملائكة أنَّ قائِلي هذه المقالةِ مِنَ الكفرةِ ، { لَمُحْضَرُونَ } في النَّارِ ، وقيل للحسابِ ، والأولُ أوْلَى لأنَّ الإحْضَارَ متَى جَاء في هذه الصُّورة عُنِيَ بهِ العذابُ { إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين } فإنَّهُمْ ناجُونَ مِنَ النَّار ، انتهى ، وفي البخاريِّ { لَمُحْضَرُونَ } أي : سيُحْضَرُونَ للحِسَابِ ، انتهى .