الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها 88 .

قرأ أُبَيُّ بن كَعْبٍ والحسن وابن أبي إسحاقَ : ( صَادِ ) بِكَسْرِ الدالِ ، والمعنى : مَاثِلِ القرآن بِعَمَلِكَ ، وقارِبْهُ بطاعَتِكَ ، وكذا فسَّرهُ الحَسَن ، أي : انظر أينَ عَمَلُكَ مِنْهُ ، وقال الجمهورُ : إنه حَرْفُ مُعْجَمٍ يَدْخُلُه مَا يَدْخُل أوائِلَ السور مِنَ الأَقْوَالِ ، وَيَخْتَصُّ هذا بأنْ قَالَ بعضُ الناسِ : معناه : صَدَقَ محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الضَّحَّاك : معناهُ : صَدَقَ اللَّهُ ، وقال محمد بن كَعْب القُرَظِيُّ : هو مِفْتَاحُ أَسْمَاءِ اللَّهِ : صَمَدٌ صَادِقٌ ، ونحوُهُ .

وقوله : { والقرآن ذِي الذكر } قَسَمٌ ؛ قال ابن عباسٍ وغيره : معناه : ذي الشَّرَفِ الباقي المُخَلَّدِ ، وقالَ قتادة : ذي التذكرةِ للنَّاسِ والهداية لهم ، وقالت فرقةٌ : ذي الذِّكْرِ للأُمَمِ والقَصَصِ والغُيُوبِ .

( ت ) : ولا مانَعَ مِنْ أَنْ يُرَادَ الجميعُ ، قال ( ع ) : وأما جَوَابُ القَسَمِ ، فَاخْتُلِفَ فيه ؛ فقالت فرقة : الجوابُ في قوله : { ص } ؛ إذ هُوَ بمعنى : صَدَقَ اللَّهُ أو صَدَقَ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقال الكوفيُّون والزَّجَّاج : الجَوَابُ في قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار } [ ص : 64 ] ، وقَالَ بَعْضُ البصريِّين ومنهم الأخفَشُ : الجوابُ في قوله : { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل } [ ص : 14 ] .

قال ( ع ) : وهذانِ القولانِ بَعيدانِ ، وقال قتادة والطبري : الجواب مقدَّرٌ قَبْلَ «بل » ، وهذا هو الصحيحُ ، وتقديره : والقرآن ، ما الأَمْرُ كَما يَزْعُمُونَ ، ونَحْوُ هَذَا مِنَ التَّقْدِير ، فَتَدَبَّرْهُ ، وقال أبو حَيَّان : الجوابُ : { إنك لمن المرسلين } ، وهو ما أثْبَتَ جَوَاباً للقرآن حينَ أقْسَمَ بهِ ، انتهى ، وهو حَسَنُ .