و{ تزكى } معناه : طَهَّرَ نَفْسَه ونماها بالخيرِ ، ومِنَ «الأربعين حديثاً » المسندةِ لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري الإمامِ المحدثِ قال في آخرها : وحديثُ تمامِ الأربعينَ حديثاً ؛ وهو حديثٌ كبيرٌ جامعٌ لكلِّ خيرٍ ؛ حدَّثنا أبو بكرٍ جعفرُ بنُ محمدٍ الفِرْيَابِيُّ إملاءً في شهر رجب سنةَ سبعٍ وتسعينَ ومائتين ؛ قال : حدثنا إبراهيمُ بنُ هشامِ بنِ يحيى الغسانيّ قال : حدثني أبي عن جَدِّي عن أبي إدريسَ الخَوْلاَنِيِّ عَن أَبي ذَرٍّ قال : " دَخَلْتُ المَسْجِدَ ، فَإذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ ، فَجَلَسْتُ إلَيْهِ فَقَالَ : ( يَا أَبَا ذَرٍّ ، لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةٌ ، وَتَحِيَّتُهُ رَكْعَتَانِ ؛ قُمْ فَارْكَعْهُمَا ) ، قَالَ : فَلَمَّا رَكَعْتُهُما ، جَلَسْتُ إلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلاَةِ ، فَمَا الصَّلاَةُ ؟ قالَ : خَيْرٌ مَوْضُوعٌ ، فاستكثر أَوِ استقلل " الحديثَ ، وفيهِ : " قلتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَمْ كِتَاباً أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ ؛ أَنْزَلَ اللَّهُ : عَلَى شِيثَ خَمْسِينَ صَحِيفَةً ، وَعَلَى خَانُوخَ ثَلاَثينَ صَحِيفَةً ، وعلى إبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ ، وأَنْزَلَ عَلَى موسى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرَ صَحَائِفَ ، وأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ ، وَالإنْجِيلَ ، والزَّبُورَ ، وَالفُرْقَانَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَانَتْ صُحُفُ إبْرَاهِيمَ ؟ قَالَ : كَانَتْ أَمْثَالاً كُلُّها : أَيُّهَا المَلِكُ المُسَلَّطُ المُبْتَلَى المَغْرُورُ ، إنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا على بَعْضٍ ، ولكني بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ المَظْلُومِ ، فَإنِّي لاَ أَرُدُّهَا وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ ، وَكَانَ فِيهَا أَمْثَالٌ : وَعَلَى العَاقِلِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ في صُنْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَيْهِ ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لَحَاجَتِهِ مِنَ المَطْعَمِ وَالمَشْرَبِ ، وَعَلَى العَاقِلِ أَلاَّ يَكُونَ ظَاعِناً إلاَّ لِثَلاَثٍ : تَزَوُّدٍ لِمَعادٍ ، أو مَؤُونَةٍ لِمَعَاشٍ ، أَوْ لَذَّةٍ في غَيْرِ مُحَرَّمٍ ، وَعَلَى العَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيراً بِزَمَانِهِ ، مُقْبِلاً على شَانِهِ ، حَافِظاً للِسَانِهِ ، وَمَنْ حَسِبَ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ ؛ قَلَّ كَلاَمُهُ إلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ ، قال : قُلْتُ : يَا رَسُولِ اللَّهِ ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى ؟ قَالَ : ( كَانَتْ عِبَراً كُلُّهَا : عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَحُ ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالقَدَرِ ، ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ ، وَعَجِبْتُ لِمَن رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَها بِأَهْلِهَا ؛ ثُمَّ اطمأن إلَيْهَا ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَداً ثُمَّ لاَ يَعْمَلُ ! ) وَقَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَهَلْ في أَيْدِينَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ في أَيْدِي إبْرَاهِيمَ وموسى ؛ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ : " اقْرأْ يَا أَبَا ذَرٍّ " . { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى * وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ فصلى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا } إلى آخِرِ هذه السورةِ يعني : أنَّ ذِكْرَ هذه الآيَاتِ { لَفِي صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وموسى } قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ فَأَوْصِنِي ، قَال : " أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَإنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ " ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ زِدْنِي ؛ قَالَ : " عَلَيْكَ بِتِلاَوَةِ القُرْآنَ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ فَإنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ في السَّمَاءِ وَنُورٌ لَكَ في الأَرْضِ " ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زِدْنِي ، قَالَ : " وَإيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ ؛ فَإنَّهُ يُمِيْتُ القَلْبَ ، ويَذْهَبَ بِنُورِ الْوَجْهِ ، قال : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالجَهَادِ ؛ فِإنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي " ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ زِدْنِي ، قَالَ : " عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إلاَّ مِنْ خَيْرٍ ؛ فَإنَّهُ مَطْرَدَةٌ للشَّيْطَانِ وَعَوْنٌ لَكَ على أَمْرِ دِينِكَ " . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.