قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى } أي : صادف البقاء في الجنة ، أي : من تطهَّر من الشِّركِ بالإيمان قاله ابن عباسٍ وعطاءٌ وعكرمةُ{[59918]} .
وقال الربيعُ والحسنُ : من كان عمله زاكياً نامياً{[59919]} وهو قول الزجاج .
وقال قتادةُ : «تزكَّى » ، أي : عمل صالحاً{[59920]} .
وعن عطاءٍ ، وأبي العالية : نزلت في صدقة الفطر{[59921]} .
قال ابن سيرين : { قد أفلح من تزكَّى ، وذكر اسم ربه فصلَّى } قال : خرج فصلَّى بعد ما أدى{[59922]} .
والأول أظهر ؛ لأن اللفظ المعتاد أن «يقال » في المال : زكَّى ، ولا يقال : تزكَّى ، قال تعالى : { وَمَن تزكى فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ } [ فاطر : 18 ] .
وقال أبو الأحوصِ وعطاءٌ : المراد بالآية ؛ زكاة الأموال كلها{[59923]} .
قال بعضهم : لا أدري ما وجه هذا التأويل ؛ لأن هذه السورة مكية ، ولم يكن ب «مكة » عيد ، ولا زكاة فطر .
قال البغويُّ{[59924]} : يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم ، كقوله تعالى : { وَأَنتَ حِلٌّ بهذا البلد } [ البلد : 2 ] ، والسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم الفتح ، قال صلى الله عليه وسلم : «أحِلَّتْ لِي ساعةً مِنْ نَهارٍ » .
وقيل : هذا في زكاة الأعمال ، لا زكاة الأموال ، أي : زكى أعماله من الرياء [ والتقصير ]{[59925]} وروى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «قَدْ افْلحَ مَنْ تَزَكَّى ؛ أي : شهد أن لا إله إلا الله ، وخلع الأنداد ، وشهد أنِّي رسُول اللهِ »{[59926]} . وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وروى عطاءٌ عن ابن عباسٍ ، قال : نزلت في عثمان - رضي الله عنه - قال : كان ب «المدينة » منافق كانت له نخلة ب «المدينة » ، مائلة في دار رجل من الأنصار ، إذا هبت الرياح أسقطت البُسْر والرطب في دار الأنصاري ، فيأكل هو وعياله ، فخاصمه المنافق ، فشكاه الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى المنافق ، وهو لا يعلم بنفاقه ، فقال : إنَّ أخاك الأنصاريَّ ذكر أنَّ بُسركَ ورُطبَكَ يقعُ إلى منزله ، فيَأكلُ هُوَ وعِيالهُ ، فهل لَكَ أنْ أعْطيكَ نَخْلَةً في الجنَّة بدلها ؟ فقال : أبيع عاجلاً بآجلٍ ؟ لا أفعلُ ، فذكروا أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أعطاه حائطاً من نخل بدل نخلته ، ففيه نزلت : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى } ، ونزلت في المنافق : { وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى }{[59927]} .
وقال الضحاكُ : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه{[59928]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.