{ وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا41 إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا42 }
{ إذا } أداة شرط ، { رأوك } فعل الشرط ، { إن يتخذونك }جواب الشرط وجزاؤه ، يقول اللغويون : [ إذا ] تنفرد بوقوع جوابها المنفي بإن ، ولا ، وما ، بدون فاء بخلاف غيرها من أدوات الشرط .
وحين يراك الكفار ما يرضى أهواءهم إلا أن يجعلوك محل استهزاء وسخرية حال كونهم قائلين استخفافا واستنكارا : أهذا الذي بعثه الله مرسلا- كما يزعم- من بين خلقه ؟ !
قد كاد وقارب إضلالنا عن أصنامنا وصرفنا عنها- لا عن عبادتها فقط- لولا ثباتهم واستمساكهم بهذا الباطل ، وقريب من هذا ما تواصلوا به حين نفذ التوحيد إلى قلوب من سبقت لهم السعادة إذ غلبت على هؤلاء الشقوة ، فتداعوا إلى العكوف على إفك وشرك الآباء والأجداد ، وحكى الكتاب العزيز تآمرهم : )وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق . أأنزل عليه الذكر من بيننا . . ){[2587]} ؟ ! وهكذا يزين للكافرين سفه رأيهم وسوء عملهم فيرونه حسنا ، ويعدون من دعاهم إلى الحق مضلا مفسدا ، مثلما استنفر فرعون قومه لمناوأة موسى صلى الله عليه وسلم وبين القرآن الحكيم مقالته : ) . . إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد( {[2588]}ومالأه قومه على طغيانه فقالوا ما أشارت إليه الآية الكريمة : ) وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك . . ( {[2589]} ، وهنا لما رموا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم بأنه أوشك أن يضلهم ، سفه الله تعالى عقولهم ، ورد افتراءهم ، وتوعدهم بأنهم حين يرون عذابهم- ما يجعل لهم من بطش ونقمة ، وما يدخر لهم- سيعلمون أنهم أضل الخلق طريقا ودينا ، وأن محمدا أهدى وأقوم من دعا إلى حق ، وما بعث إلا شاهدا ومبشرا ونذيرا ، ومبينا لمنهاج الرشد وسراجا منيرا .
وفي تقييد العلم بوقت رؤية العذاب وعيد لهم ، وتنبيه على أنه تعالى لا يهملهم وإن أمهلهم- ، [ ومن جملة كفرهم وعنادهم أنهم{ إذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا } محل هزؤ ، ثم فسر ذلك الاستهزاء بأنهم يقولون مشيرين إليه على سبيل الاستحقار{ أهذا الذي بعث الله رسولا }هذا : الذي بعثه الله حال كونه رسولا-بزعمه- ويجوز أن يكون تسميته رسولا استهزاء آخر منهم من حيث إنه تسليم وإقرار في معرض الجحود والإنكار ، وفي هذا جهل عظيم ، لأنهم إن استحقروا صورته فإنه أحسنهم خلقا وأعدلهم مزاجا ، مع أنه لم يكن يدعي التميز بالصورة ، وإن استهزءوا بالمعنى فيه وقع التحدي بظهور المعجزة عليه ، وقامت الحجة عليهم ، فهم أحق بالاستهزاء منه حين أصروا على الباطل بعد وضوح البرهان على الحق ، ولقد شهد عليهم بمضمون هذا التقرير ابن{[2590]} أخت خالتهم ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.