فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبۡلِسُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (12)

{ يبلس } يسكتون ، ويحزنون ، وتنقطع حجتهم ، وييأسون .

{ ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون12 ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين13 ويم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون14 فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون15 وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون16 }

يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يذهل المجرمون ، )هذا يوم لا ينطقون . ولا يؤذن لهم فيعتذرون( {[3286]}( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون( {[3287]} ، وهذا في حال من أحوال يوم التغابن والحسرة وأهواله ، وفي حال أخرى يتركون ليشهدوا ويقروا بما كانوا قد عملوا ، فإذا اعترفوا بذنوبهم فسحقا لهم . )وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير( {[3288]} وقد يستمرئون الزور والكذب حتى في اليوم الحق : )يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون( {[3289]} وذلك إفكهم وما كانوا يفترون .

)ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين( {[3290]} فعند ذلك يخرس لسانه ويقال لأركانه وجوارحه انطقي فتنطق : ) حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون . وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون . وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون . وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين . فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين( {[3291]} ، وهكذا في حال يستطيعون أن يجادلوا عن أنفسهم ، فإذا جادلوا بالباطل منعوا الكلام ، واستنطقت جوارحهم ، ونشرت صحائف أعمالهم ، واستشهد الملائكة الكتبة الحفظة الذين كانوا ينسخون ويكتبون ما كان من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم .


[3286]:سورة المرسلات. الآيتان 35، 36.
[3287]:سورة يس. الآية 65.
[3288]:سورة الملك. الآية 10.
[3289]:سورة المجادلة. الآية 18.
[3290]:سورة الأنعام. الآية 23.
[3291]:سورة فصلت. الآيات من: 20 إلى 24.