فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

{ واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف }

يأمر الله تعالى نبيه أن يقص على من يستطيع تبليغه ويذكر ويعظ بخبر هود عليه السلام ، وكان أخا لهم في النسب لا في الدين-إذ حذر قومه وأنذرهم وخوفهم عذاب الله الذي يحل على المفسدين والمشركين والجاحدين ، وكانت ديار عاد قوم هود بالأحقاف- جمع حقف وهو ما استطال من الرمال العظيم واعوج ولم يبلغ أن يكون جبلا- وهي بالشحر قرب عدن ، وقيل : كانت منازل عاد في حضرموت بواد يقال له مهرة ، أو واد بين عمان ومهرة .

{ وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله }

وقد سبق النذير هود عليه السلام رسلنا إلى من قبله من الأمم ، وكلهم صلوات الله عليهم وسلامه يدعون الناس إلى أصل الإيمان ألا تعبدوا إلا الله ، وكذا من يبعث من المرسلين بعده .

ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى : { من بين يديه ومن خلفه } يعني الرسل الذين بعثوا قبله والذين في زمانه ، فمعنى { من خلفه } من بعد إنذاره{[4625]} .

أو يكون المعنى{[4626]} : وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين كقوله عز وجل : { فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها . . }{[4627]} ، وكقوله جل وعلا : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود . إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله . . }{[4628]} قال المرسلون إلى أقوامهم : لا تعبدوا إلا الله .

{ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم( 21 ) } .

قال هود لقومه ما قاله إخوانه من الرسل ، وخشي أن يغشاهم العذاب العاجل منه والآجل ، وكلاهما بالغ الهول والشدة : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد }{[4629]} . فبشركهم تحق عليهم الأخذة : { إن بطش ربك لشديد }{[4630]} .

مما أورد صاحب جامع البيان : واذكر يا محمد لقومك الرادّين عليك ما جئتهم به من الحق هودا أخا عاد ، فإن الله بعثك إليهم كالذي بعثه إلى عاد ، فخوفهم أن يحل بهم من نقمة الله على كفرهم ما حلّ بهم إذ كذبوا رسولنا هودا إليهم . . لا تشركوا مع الله شيئا في عبادتكم إياه ، ولكن أخلصوا له العبادة ، وأفردوا له الألوهة إنه لا إله غيره . . إني أخاف عليكم أيها القوم بعبادتكم غير الله عذاب الله في يوم عظيم . اه .


[4625]:أورد هذا النقل صاحب روح المعاني جـ26ص14.
[4626]:هذا الرأي أورده صاحب تفسير القرآن العظيم جـ4ص60.
[4627]:سورة البقرة. من الآية 66.
[4628]:سورة فصلت. الآية 13، ومن الآية 14.
[4629]:سورة هود. الآية 102.
[4630]:سورة البروج. الآية 12.