فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (79)

{ إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السماوات والأرض } أي للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها . وقيل : هذا كان نظره واستدلاله في نفسه ، فحكاه الله . والأوّل أظهر لقوله : { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى } وقوله : { قَالَ ياقوم إِنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ } .

فإن قلت : لم احتج عليهم بالأفول دون البزوغ ، وكلاهما انتقال من حال إلى حال ؟ قلت : الاحتجاج بالأفول أظهر ، لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب . فإن قلت : ما وجه التذكير في قوله : { هذا رَبّى } والإشارة للشمس ؟ قلت : جعل المبتدأ مثل الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد ، كقولهم : ما جاءت حاجتك ، ومن كانت أمك ، و { لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } [ الأنعام : 23 ] وكان اختيار هذه الطريقة واجباً لصيانة الرب عن شبهة التأنيث . ألا تراهم قالوا في صفة الله «علام » ولم يقولوا «علامة » وإن كان العلامة أبلغ ، احترازاً من علامة التأنيث . وقرىء : «تري إبراهيمَ ملكوتُ السموات والأرض » بالتاء ورفع الملكوت . ومعناه : تبصره دلائل الربوبية .