التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (79)

قوله : { إني وجهت وجهي للذي فطر السموت والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } أي وجهت عبادتي وطاعتي وتوحيدي لله وحده . وذكر الوجه نيابة عن الكيان الإنساني كله ، وذلك لشرفه ، ولأنه أظهر ما في الإنسان . فقد أعلن إبراهيم عن توجه كيانه الشخصي كله ، قلبه وروحه وعقله وبدنه كله – مطيعا ممتثلا خاضعا لله الذي { فطر السموات والأرض } أي أوجد وأنشأ السموات بطباقها الواسعة الغائرة في مجاهل هذا الكون ، وكذلك بأجرامها الهائلة المبثوثة المذهلة لهول كثرتها وضخامتها وتناثرها . وكذلك أوجد وأنشأ الأرض بما فيها من أصنام يعبدها المشركون الضالون سفها وحماقة .

قوله : { حنيفا وما أنا من المشركين } حنيفا مائلا إلى الدين القيم . أو صحيح الميل إلى الإسلام ، من الحنف ، بالفتح بمعنى الاستقامة . والحنفية : التوحيد . وهذا إعلان من إبراهيم ، إذ صدع بالحق جهرة على مسامع الملأ والأشهاد أنه على الحنيفية المبرأة من دنس الشرك على تعدد صوره وأشكاله ، وأعلن كذلك مجانبته للشرك ونفيه المطلق أن يكون من المشركين{[1207]} .


[1207]:- تفسير ابن كثير ج 2 ص 150- 152 وتفسير الجلالين ص 113.