الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

ولذلك استأنف قوله مظهراً في موضع الإضمار للتنفير بمدلول الوصف قبل التذكير بالعداوة ووخامة العاقبة فيما يدعو إليه مؤكداً لأن أفعال المشايعين له بما يمنيهم به من نحو : إن ربكم حليم ، لا يتعاظمه ذنب ، مع الإصرار على المعصية أفعال المتعقدين لمصادقته : { إن الشيطان } أي المحترق بالغضب البعيد من الخير { لكم } أي خاصة فهو في غاية الفراغ لأذاكم ، فاجتهدوا في الهرب منه { عدو } بتصويب مكايده كلها إليكم وبما سبق له مع أبيكم آدم عليه السلام بما وصل أذاه إليكم وأيضاً " من عادى أباك فقد عاداك " .

ولما كانت عداوته تحتاج إلى مجاهدة لأنه يأتي الإنسان من قبل الشهوات ، عبر بصيغة الافتعال فقال : { فاتخذوا } اي بغاية جهدكم { عدواً } والله لكم ولي فاتخذوه ولياً بأن تتحروا ما يغيظ الشيطان بأن تخالفوه في كل ما يريده ويأمر به ، وتتعمدوا ما يرضاه الرحمن ونهجه لكم وأمركم به فتلتزموه ، قال القشيري : ولا يقوى على عداوته إلا بدوام الاستعانة بالرب فإنه لا يغفل عن عداوتك ، فلا تغفل أنت عن مولاك لحظة . ثم علل ذلك بقوله : { إنما يدعو حزبه } أي الذين يوسوس لهم فيعرضهم لاتباعه والإعراض عن الله { ليكونوا } باتباعه كوناً راسخاً { من أصحاب السعير * } هذا غرضه لا غرض له سواه ، ولكنه يجتهد في تعمية ذلك عنهم بأن يقرر في نفوسهم جانب الرجاء وينسيهم جانب الخوف ، ويريهم أن التوبة في أيديهم ويسوف لهم بها بالفسحة في الأمل ، والإبعاد في الأجل ، للإفساد في العمل ، والرحمن سبحانه إنما يدعو عباده ليكونوا من أهل النعيم

{ والله يدعو إلى دار السلام }[ يونس : 25 ] .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (6)

قوله : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } الشيطان الغرور هو العدو الأول للإنسان . وهو لفساد خلقته وعظيم خبثه شديد الكراهية للإنسان ، لما يجده في نفسه من أنه قد هوى في الضلال والجحيم عقب عصيانه أمرَ ربه بالسجود لآدم فأخرجه الله من رحمته مذموما مدحورا .

على أن الشيطان من الجن . فهو ذو جِبِلَّةٍ غريبة خلقت من نار مستعرة تلتهم كل شيء تمسه ليستحيل إلى رماد . وكذلك الشيطان فإنه كائن جِنّي مُبْغِض لآدم وذريته ؛ وهو بذلك شديد العداوة للإنسان فما يَمَلُّ ولا يكَلُّ من طول الكيد لبني آدم من أجل أن يغويهم ويلهيهم عن دين الله ويغْرِقهم في اللذات والموبقات بما يفضي بهم إلى الخسران وسوء المصير . وبذلك يحذّر الله عباده من طغيان الشيطان عليهم وإغوائه لهم باتخاذه عدوّا لهم . لا جرم أن الشيطان عدو مضلّ مبين ، لا مناص لمن يبتغي السلامة والسداد والنجاة من اتخاذه عدوّا لينجو من كيده وخداعه وإغوائه .

وحريٌّ بالذكر هنا أن من البشر أنفسهم شياطين أنجاسا ماكرين ، وهم غواة أشرار ، وأشقياء فجار يكيدون لدين الله الحق أبلغ كيد ، ويتمالئون على الإنسانية لإطغائها وإغوائها وإغراقها في الكفر والمعاصي والفساد . أولئك صنف خبيث من طغاة الشر يدأبون في كل الآناء والأوقات على إفساد الأفراد وتدمير المجتمعات بما يسوّلونه لهم من الشرك والضلال وفعل الخطايا والمنكرات . أولئك شياطين أشرار ماكرون لُدٌّ ، خليق بالعباد أن يحذروهم لينجوا من كيدهم وإفسادهم .

قوله : { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } حزب الشيطان : يعني أتباعه وأشياعه وأولياءه . وهم الذين سلكوا سبيل الضلال في الغيِّ والخسران . أولئك الذين يدعوهم الشيطان ليطيعوه ويتبعوا خطواته ثم يسوقهم معه إلى النار{[3840]}


[3840]:تفسير الطبري ج 22 ص 77-78 وتفسير القرطبي ج 14 ص 323-324