ولما كانت حياة كل شيء إنما هي بالماء ، أشار إلى ذلك بقوله : { ليأكلوا من } وأشارت قراءة حمزة والكسائي بصيغة الجمع مع إفراد الضمير إلى أن الشجرة الواحدة تجمع بالتطعيم أصنافاً من الثمر { ثمره } أي : من ثمر ما تقدم ، ولولا الماء لما طلع ، ولولا أنه بكثرة لما أثمر بعد الطلوع .
ولما كان الإنسان قد يتسبب في تربية بعض الأشياء ، أبطل سبحانه الأسباب فيما يمكن أن يدعو فيه تسبباً ، ونبه على أن الكل بخلقه فقال : { وما عملته } أي : ولم تعمل شيئاً من ذلك { أيديهم } أي :عملاً ضعيفاً - بما أشار إليه تأنيث الفعل فكيف بما فوقه وإن تظافروا على ذلك بما أشار إليه جمع اليد . ولما كان السياق ظاهراً في هذا جاءت قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بحذف الضمير غير منوي قصراً للفعل تعميماً للمفعول رداً لجميع الأمور إلى بارئها سواء كانت بسبب أو بغير سبب ، أي : ولم يكن لأيديهم عمل لشيء من الأشياء لا لهذا ولا لغيره مما له مدخل في عيشهم ومن غيره ، ولذلك حسن كل الحسن إنكاره عليهم عدم الشكر بقوله : { أفلا يشكرون * } أي : يدأبون دائماً في إيقاع الشكر والدوام على تجديده في كل حين بسبب هذه النعم الكبار .
{ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ } الضمير في ثمره ، عائد إلى الله ، فهو مالك الخيرات والثمرات وكل شيء ، فقد أنبت الله لهم ذلك ليأكلوا مما خلقه لهم من نعيم الزرع والثمر . وقيل : الضمير عائد على النخيل ؛ لأنه أقرب مذكور . وقيل : عائد على جنات .
قوله : { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } ما : اسم موصول ؛ أي ومن الذي عملته أيديهم من الغرس والحصاد والقطاف والمعاجلة .
وقيل : ما ، هنا نافية ؛ أي : لم يعملوه هم ، بل الفاعل له هو الله تعالى{[3901]} .
قوله : { أَفَلا يَشْكُرُونَ } ذلك تحضيض لهم من الله تعالى على شكر أنعُمه .
والمعنى : فهلا يشكرون الله على ما امتنَّ به عليهم من هذه النعم الكثيرة المختلفة التي تزجي بالدليل الظاهر الساطع على أن الله حق وأنه خالق كل شيء ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.