الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

{ وما أرسلناك إلا كافة للناس } جامعا لهم كلهم بالإنذار والتبشير { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ذلك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

قوله تعالى : " وما أرسلناك إلا كافة للناس " أي وما أرسلناك إلا للناس كافة أي عامة ، في الكلام تقديم وتأخير . وقال الزجاج : أي وما أرسلنا إلا جامعا للناس بالإنذار والإبلاغ . والكافة بمعنى الجامع . وقيل : معناه كافا للناس ، تكفهم عما هم فيه من الكفر وتدعوهم إلى الإسلام . والهاء للمبالغة . وقيل : أي إلا ذا كافة ، فحذف المضاف ، أي ذا منع للناس من أن يشذوا عن تبليغك ، أو ذا منع لهم من الكفر ، ومنه : كف الثوب ؛ لأنه ضم طرفيه . " بشيرا " أي بالجنة لمن أطاع . " ونذيرا " من النار لمن كفر . " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " لا يعلمون ما عند الله وهم المشركون ، وكانوا في ذلك الوقت أكثر من المؤمنين عددا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 28 ) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 29 ) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ } { كافّة } ، منصوب على الحال من كاف { أرسلناك } . والمعنى : إلا جامعا للناس في الإبلاغ . والكافة بمعنى الجامع ، والهاء للمبالغة . وقيل : { كافّة } صفة لمصدر محذوف تقديره : إلا إرسالة كافة . وقيل : كافة ، حال من الناس ؛ أي للناس كافة{[3811]} يخاطب الله جل وعلا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم مبلغا إياه أنه أرسله لهداية الناس كافة ؛ بل إنه مبعوث للعالمين من الثقلين جميعا وهما الإنس والجن { بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي بشير الطائعين المستجيبين لدعوة الحق بالتوفيق والسعادة في الدنيا ، وبالنجاة والفوز يوم القيامة . وهو كذلك نذير للعصاة الذي يخالفون أمر الله ولا يستجيبون لنداء الحق واليقين .

لقد أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ورسالة الحق للعالمين . وتلكم هي رسالة الإسلام العظيم الذي تتجلى فيه كل معاني الخير والحق والعدل والرحمة . وهو دين وسط مناف للإفراط والتفريط ، وموافق للفطرة البشرية السليمة .

وهذه خصائص كبريات تحقق الصلوح الكامل لهذا الدين على مدى الأزمان كلها .

قوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } أكثر الناس سادرون في الغي والباطل ساربون في الجهالة والاعوجاج ، جانحون للشهوات والأهواء . لقد أضلهم شيطان الجن بوسوسته التي تسري في ذهنه وخياله وأعصابه ، فتُسوّل له الكفر والعصيان ، وتكرِّهُ إليه الإيمان والاستقامة والفضيلة وكذلك شياطين الإنس قد أسهموا أعظم إسهام في إغواء البشرية واجتيال الناس عن عقيدة التوحيد وإضلالهم عن منهج الله وسَوْقهم سَوْقا إلى الفساد والإباحية والشر بكل صوره وأصنافه . من أجل ذلك فإن أكثر الناس موغلون في الضلال والباطل .


[3811]:الدر المصون ج 9 ص 185-186.