وإنما قال : { مَيْتًا } لأنّ البلدة في معنى البلد في قوله : { فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيّتٍ } [ فاطر : 9 ] ، وأنه غير جار على الفعل كفعول ومفعال ومفعيل . وقرىء : «نسقيه » بالفتح . وسقى ، وأسقى : لغتان . وقيل : أسقاه : جعل له سقياً . الأناسي : جمع إنسي أو إنسان . ونحوه ظرابي في ظربان ، على قلب النون ياء ، والأصل : أناسين وظرابين . وقرىء بالتخفيف بحذف ياء أفاعيل ، كقولك : أناعم ، في : أناعيم .
فإن قلت : إنزال الماء موصوفاً بالطهارة وتعليله بالإحياء والسقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة ذلك ، كما تقول : حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش . قلت : لما كان سقي الأناسي من جملة ما أنزل له الماء ، وصفه بالطهور إكراماً لهم ، وتتميماً للمنة عليهم ، وبياناً أن من حقهم حين أراد الله لهم الطهارة وأرادهم عليها أن يؤثروها في بواطنهم ثم في ظواهرهم ، وأن يربئوا بأنفسهم عن مخالطة القاذورات كلها كما ربأ بهم ربهم .
فإن قلت : لم خصّ الأنعام من بين ما خلق من الحيوان الشارب ؟ قلت : لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام ولأنها قنية الأناسي ، وعامة منافعهم متعلقة بها ، فكان الإنعام عليهم بسقي أنعامهم كالإنعام بسقيهم .
فإن قلت : فما معنى تنكير الأنعام والأناسي ووصفها بالكثرة ؟ قلت : معنى ذلك أن علية الناس وجلهم منيخون بالقرب من الأودية والأنهار ومنابع الماء ، ففيهم غنية عن سقي السماء وأعقابهم وهم كثير منهم لا يعيشهم إلاّ ما ينزل الله من رحمته وسقيا سمائه ، وكذلك قوله : { لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } يريد بعض بلاد هؤلاء المتبعدين من مظان الماء .
فإن قلت : لم قدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي ؟ قلت : لأنّ حياة الأناسيّ بحياة أرضهم وحياة أنعامهم ، فقدم ما هو سبب حياتهم وتعيشهم على سقيهم ، ولأنهم إذا ظفروا بما يكون سقيا أرضهم ومواشيهم ، لم يعدموا سقياهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.