البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَتَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ مُدۡبِرِينَ} (90)

{ فتولوا عنه مدبرين } قال معناه ابن عباس ، وتركوه في بيت الأصنام ففعل ما فعل .

وقيل : كانوا أهل رعاية وفلاحة ، وكانوا يحتاجون إلى علم النجوم .

وقيل : أرسل إليهم ملكهم أن غداً عيدنا ، فاحضر معنا ، فنظر إلى نجم طالع فقال : إن يطلع مع سقمي .

وقيل : معنى { فنظر نظرة في النجوم } ، أي فيما نجم إليه من أمور قومه وحاله معهم ، ومعنى : { فتولوا عنه مدبرين } ، أي لكفرهم به واحتقارهم له ، وقوله : { إني سقيم } ، من المعاريض ، عرض أنه يسقم في المآل ، أي يشارف السقم .

قيل : وهو الطاعون ، وكان أغلب ، وفهموا منه أنه ملتبس بالسقم ، وابن آدم لا بد أن يسقم ، والمثل : كفى بالسلامة داء .

قال الشاعر :

فدعوت ربي بالسلامة جاهداً *** ليصحني فإذا السلامة داء

ومات رجل فجأة ، فاكتنف عليه الناس فقالوا : مات وهو صحيح ، فقال أعرابي : أصحيح من الموت في عنقه ؟