الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَا كَانَ لِيَ مِنۡ عِلۡمِۭ بِٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰٓ إِذۡ يَخۡتَصِمُونَ} (69)

ثم احتج لصحة نبوّته بأنّ ما ينبىء به على الملأ الأعلى واختصامهم أمر ما كان له به من علم قط ، ثم علمه ولم يسلك الطريق الذي يسلكه الناس في علم ما لم يعلموا ، وهو الأخذ من أهل العلم وقراءة الكتب ، فعلم أنّ ذلك لم يحصل إلا بالوحي من الله .

فإن قلت : بم يتعلق { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } ؟ قلت : بمحذوف ؛ لأن المعنى : ما كان لي من علم بكلام الملأ الأعلى وقت اختصامهم ، و { إِذْ قَالَ } بدل من { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } .

فإن قلت : ما المراد بالملأ الأعلى ؟ قلت : أصحاب القصة الملائكة وآدم وإبليس ، لأنهم كانوا في السماء وكان التقاول بينهم :

فإن قلت : ما كان التقاول بينهم إنما كان بين الله تعالى وبينهم ؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي قال لهم وقالوا له ، فأنت بين أمرين : إما أن تقول الملأ الأعلى هؤلاء ، وكان التقاول بينهم ولم يكن التقاول بينهم وإما أن تقول : التقاول كان بين الله وبينهم ، فقد جعلته من الملأ الأعلى . قلت : كانت مقاولة الله سبحانه بواسطة ملك ، فكان المقاول في الحقيقة هو الملك المتوسط ، فصحّ أن التقاول كان بين الملائكة وآدم وإبليس ، وهم الملأ الأعلى . والمراد بالاختصام : التقاول على ما سبق .