فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَا كَانَ لِيَ مِنۡ عِلۡمِۭ بِٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰٓ إِذۡ يَخۡتَصِمُونَ} (69)

{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى } استئناف مسوق لتقرير أنه نبأ عظيم ، وارد من جهته تعالى ، يذكر نبأ من أنبائه على التفصيل من غير سابقة معرفة به ، ولا مباشرة سبب من أسبابها المعتادة ، فإن ذلك حجة بينة دالة على أن ذلك بطريق الوحي من عند الله تعالى ، وأن سائر أنبائه أيضا كذلك ، وأن الأنبياء لا يعلمون الغيب أصلا ، إلا ما يوحى إليهم من جهته سبحانه وتعالى ، والملأ الأعلى هم الملائكة وزاد أبو السعود آدم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة .

{ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } أي ما كان لي فيما سبق علم بوجه من الوجوه بحال الملأ الأعلى ، وقت اختصامهم والضمير راجع إلى الملإ الأعلى والخصومة الكائنة بينهم هي في أمر آدم ، قال ابن عباس : قال الملائكة حين شوروا في خلق آدم فاختصموا فيه ، وقالوا : لا تجعل في الأرض خليفة ، وعنه قال هي الخصومة في شأن آدم حيث قالوا : { أتجعل فيها من يفسد فيها } ؟

وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن نصر في كتاب الصلاة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني الليلة ربي في أحسن صورة أحسبه قال : في المنام .

قال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت لا ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي ، أو في نحري فعلمت ما في السماوات والأرض ثم قال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت نعم في الكفارات والكفارات المكث في المساجد بعد الصلوات ، والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره " الحديث

وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه من حديث معاذ بن جبل نحوه بأطول منه وقال : " وإسباغ الوضوء في السبرات " وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث جابر بن سمرة نحوه بأخصر منه ، وأخرجا أيضا من حديث أبي هريرة نحوه ، وفي الباب أحاديث ، وقيل الضمير لقريش أي يختصمون فيهم بعضهم يقول : بنات الله ، وبعضهم يقول غير ذلك والأول أولى .