الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَتَّخَذۡنَٰهُمۡ سِخۡرِيًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (63)

{ أتخذناهم سِخْرِيّاً } قرىء : بلفظ الإخبار على أنه صفة ل ( رجالاً ) ، مثل قوله : { كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ الأشرار } وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستخسار منهم . وقوله : { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبصار } له وجهان من الاتصال ، أحدهما : أن يتصل بقوله : { مالنا } أي : مالنا لا نراهم في النار ؟ كأنهم ليسوا فيها بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها : قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة ، وبين أن يكونوا من أهل النار . إلاّ أنه خفي عليهم مكانهم . والوجه الثاني : أن يتصل باتخذناهم سخرياً ، إما أن تكون أم متصلة على معنى : أي الفعلين فعلنا بهم الاستسخار منهم ، أم الازدراء بهم والتحقير ، وأن أبصارنا كانت تعلو عنهم وتقتحمهم ، على معنى إنكار الأمرين جميعاً على أنفسهم ، وعن الحسن : كل ذلك قد فعلوا ، اتخذوهم سخرياً وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم . وإما أن تكون منقطعة بعد مضي اتخذناهم سخرياً على الخبر أو الاستفهام ، كقولك : إنها إبل أم شاء ، وأزيد عندك أم عندك عمرو : ولك أن تقدّر همزة الاستفهام محذوفة فيمن قرأ بغير همزته ، لأنّ «أم » تدلّ عليها ، فلا تفترق القراءتان : إثبات همزة الاستفهام وحذفها . وقيل : الضمير في { وَقَالُواْ } لصناديد قريش كأبي جهل والوليد وأضرابهما ، والرجال : عمار وصهيب وبلال وأشباههم . وقرىء : «سخرياً » بالضم والكسر .