الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ حَثِيثٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۭ بِأَمۡرِهِۦٓۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (54)

{ يُغْشِى الليل النهار يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } وقرئ : «يغشى » بالتشديد ، أي يلحق الليل النهار ، أو النهار بالليل يحتملهما جميعاً . والدليل على الثاني قراءة حميد بن قيس : يغشى الليل النهار ، بفتح الياء ونصب الليل ورفع النهار ، أي يدرك النهار الليل ويطلبه حثيثاً ، حسن الملاءمة لقراءة حميد { بِأَمْرِهِ } بمشيئته وتصريفه ، وهو متعلق بمسخرات ، أي خلقهن جاريات بمقتضى حكمته وتدبيره ، وكما يريد أن يصرفها سمي ذلك أمراً على التشبيه ، كأنهن مأمورات بذلك . وقرئ : «والشمس والقمر والنجوم مسخرات » ، بالرفع . لما ذكر أنه خلقهنّ مسخرات بأمره قال : { أَلاَ لَهُ الخلق والأمر } أي هو الذي خلق الأشياء كلها ، وهو الذي صرفها على حسب إرادته .