الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ حَثِيثٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۭ بِأَمۡرِهِۦٓۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (54)

أخرج أبو الشيخ عن سميط قال : دلنا ربنا تبارك وتعالى على نفسه في هذه الآية { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض . . . } الآية .

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء والخطيب في تاريخه عن الحسن بن علي قال : أنا ضامن لمن قرأ هذه العشرين آية أن يعصمه الله من كل سلطان ظالم ، ومن كل شيطان مريد ، ومن كل سبع ضار ، ومن كل لص عاد : آية الكرسي ، وثلاث آيات من الأعراف { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض } وعشراً من أول الصافات ، وثلاث آيات من الرحمن { يا معشر الجن } [ الرحمن : 33 ] وخاتمة سورة الحشر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة قال : نزلت هذه الآية { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } [ آل عمران : 7 ] لقي ركب عظيم لا يرون أنهم من العرب ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ قالوا : من الجنة ، خرجنا من المدينة أخرجتنا هذه الآية .

وأخرج أبو الشيخ عن عبيد بن أبي مرزوق قال : من قرأ عند نومه { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض . . . } الآية . بسط عليه ملك جناحه حتى يصبح ، وعوفي من السرق .

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن قيس صاحب عمر بن عبد العزيز قال : مرض رجل من أهل المدينة فجاءه زمرة من أصحابه يعوذونه ، فقرأ رجل منهم { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض . . . } الآية كلها . وقد أصمت الرجل ، فتحرك ثم استوى جالساً ، ثم سجد يومه وليلته حتى كان من الغد من الساعة التي سجد فيها قال له أهله : الحمد لله الذي عافاك . قال : بعث إلى نفسي ملك يتوفاها ، فلما قرأ صاحبكم الآية التي قرأ ، سجد الملك وسجدت بسجوده فهذا حين رفع رأسه ، ثم مال فقضى .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { خلق السماوات والأرض في ستة أيام } لكل يوم منها اسم : أبي جاد ، هواز ، حطى ، كلمون ، صعفص ، قرشات .

وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن أرقم قال : إن الله عزَّ وجلَّ خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، قال : كل يوم مقداره ألف سنة .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد قال : بدء الخلق العرش والماء والهواء ، وخلقت الأرض من الماء ، وكان بدء الخلق يوم الأحد ويوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وجميع الخلق في يوم الجمعة ، وتهودت اليهود يوم السبت ، ويوم من الستة أيام كألف سنة مما تعدون .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الله بدأ خلق السماوات والأرض وما بينهما يوم الأحد ، ثم استوى على العرش يوم الجمعة في ثلاث ساعات ، فخلق في ساعة منها الشموس كي يرغب الناس إلى ربهم في الدعاء والمسألة ، وخلق في ساعة النتن الذي يقع على ابن آدم إذا مات لكي يقبر .

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن حيان الأعرج قال : كتب يزيد بن أبي سلم إلى جابر بن زيد يسأله عن بدء الخلق ؟ قال : العرش والماء والقلم ، والله أعلم أي ذلك بدأ قبل .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : بدأ الله بخلق السماوات والأرض يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ، وجعل كل يوم ألف سنة .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : « يا أبا هريرة إن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش فخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، وآدم يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة ، في آخر ساعة من النهار » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { ثم استوى على العرش } قال : يوم السابع .

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : إن الله حين خلق الخلق استوى على العرش فسبَّحه العرش .

وأخرج ابن مردويه واللالكائي في السنة عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها في قوله { ثم استوى على العرش } قالت : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإقرار به إيمان ، والجحود به كفر .

وأخرج اللالكائي عن ابن عيينة قال : سئل ربيعة عن قوله { استوى على العرش } كيف استوى ؟ قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق . وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم قال : سئل ربيعة . . . فذكره .

وأخرج اللالكائي عن جعفر بن عبد الله قال : جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال له : يا أبا عبد الله استوى على العرش كيف استوى ؟ قال : فما رأيت مالكاً وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرُّحَضاء يعني العرق وأطرق القوم قام : فسرى عن مالك فقال : الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإني أخاف أن تكون ضالاً وأمر به فأخرج .

وأخرج البيهقي عن عبد الله بن وهب قال : كنا عند مالك بن أنس ، فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله { الرحمن على العرش استوى } كيف استواؤه ؟ فاطرق مالك وأخذته الرحضاء ، ثم رفع رأسه فقال { الرحمن على العرش استوى } كما وصف نفسه ، ولا يقال له كيف ، وكيف عنه مرفوع ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه . قال : فأخرج الرجل .

وأخرج البيهقي عن أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : كلما وصف الله من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه .

وأخرج البيهقي عن إسحق بن موسى قال : سمعت ابن عيينة يقول : ما وصف الله به نفسه فتفسيره قراءته ، ليس إلا لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسله صلوات الله عليهم .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي عيسى قال : لما استوى على العرش خر ملك ساجداً ، فهو ساجد إلى أن تقوم الساعة ، فإذا كان يوم القيامة رفع رأسه فقال : سبحانك ما عبدتك حق عبادتك إلا أني لم أشرك بك شيئاً ، ولم اتخذ من دونك ولياً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { يغشي الليل النهار } قال : يغشي الليل النهار فيذهب بضوئه ، ويطلبه سريعاً حتى يدركه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { حثيثاً } قال : سريعاً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { يغشى الليل النهار } قال : يلبس الليل النهار .

أما قوله { والشمس والقمر والنجوم } .

أخرج الطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشمس والقمر والنجوم خلقن من نور العرش » .

أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله { ألا له الخلق والأمر } قال : الخلق : ما دون العرش ، والأمر : ما فوق ذلك .

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن سفيان بن عيينة قال : الخلق : هو الخلق ، والأمر ، هو الكلام .

وأخرج ابن جرير عن عبد العزيز الشامي عن أبيه وكانت له صحبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من لم يحمد الله على ما عمل من عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط ما عمل : ومن زعم أن الله جعل للعباد من الأمر شيئاً فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه لقوله { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } » .