قوله : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس } ، تقدَّم تفسيره في البقرة .
قال الزمخشري{[20059]} رحمه الله : " رُوحُ القدس : جبريل - صلوات الله وسلامه عليه - أضيف إلى القدس : وهو الطُّهْر ؛ كما تقول : حاتم الجُودِ ، وزيد الخَيْرِ ، والمراد : الرُّوح المقدس{[20060]} ، وحاتم الجواد ، وزيد الخيِّر " .
و " مِنْ " في قوله : " مِن رَّبِّكَ " : صلة للقرآن ، أي : أن جبريل نزَّل القرآن من ربك ؛ ليثبِّت الذين آمنوا ، أي : ليبلوهم بالنسخ ، حتَّى إذا قالوا فيه : هو الحقُّ من ربِّنا ، حكم لهم بثبات القدم في الدِّين ، وصحَّة اليقين بأن الله حكيم ، فلا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب .
قوله تعالى : { وَهُدًى وبشرى } ، يجوز أن يكون عطفاً على محلِّ " لِيُثبِّتَ " ، فينصبان ، أو على لفظه باعتبار المصدر المؤوَّل ؛ فيجران ، والتقدير : تثبيتاً لهم ، وإرشاداً وبشارة ، وقد تقدم كلام الزمخشري في نظيرهما ، وما ردَّ به أبو حيَّان عليه وجوابه .
وجوَّز أبو البقاء ارتفاعهما خبر مبتدأ محذوف ، أي : وهو هدى ، والجملة حال وقرئ{[20061]} : " لِيُثبتَ " ، مخففاً ، من " أثْبَت " .
قد تقدَّم أن أبا مسلم الأصفهاني ينكر النسخ في هذه الشريعة ، فقال : المراد ههنا : وإذا بدَّلنا آية مكان آية ، أي : في الكتب المتقدمة ؛ مثل آية تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، قال المشركون : أنت مفترٍ في هذا التبديل ، وأكثر المفسرين على خلافه ، وقالوا : إن النسخ واقعٌ في هذه الشريعة .
قال الشافعي - رضي الله عنه - : القرآن لا ينسخ بالسنة ؛ لقوله - تعالى- : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } ، وهذا يقتضي أن الآية لا تنسخ إلا بآية أخرى ، وهذا ضعيف ؛ لأن هذه الآية تدلُّ على أنَّه - تعالى - يبدِّل آية بآيةٍ أخرى ، ولا دلالة فيها على أنه - تعالى - لا يبدِّل آية إلا بآيةٍ ، وأيضاً : فجبريل - عليه السلام - قد ينزل بالسنة كما ينزل بالآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.