اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدۡنَٰهُمۡ عَذَابٗا فَوۡقَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفۡسِدُونَ} (88)

وقوله : { الذين كَفَرُواْ } ، يجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر : " زِدنَاهُم " ، وهو واضح ، وجوَّز ابن عطية{[20023]} أن يكون : " الَّذينَ كَفروا " ، بدلاً من فاعل " يَفْترُونَ " ، ويكون : " زِدْناهُم " مستأنفاً .

ويجوز أن يكون : " الَّذينَ كَفرُوا " ، نصباً على الذَّمِّ ، أو رفعاً عليه ، فيضمر النَّاصب والمبتدأ وجوباً .

فصل

لما ذكر وعيد الذين كفروا ، أتبعه ب : " وعيد " من ضمَّ إلى كفره صدَّ الغير عن سبيل الله ، وهو منعهم عن طريق الحقِّ .

وقيل : صدهم عن المسجد الحرام ، { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العذاب } ؛ لأنهم زادوا على كفرهم صَدَّ الغير عن الإيمان .

قال - عليه الصلاة والسلام - : " مَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئةً ، فعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ من عَمِلَ بِهَا " . " قال ابن عباس - رضي الله عنه - [ ومقاتل ]{[20024]} : " المراد بتلك الزيادة : خمسة أنهار من صفر مذابٍ ، تسيل من تحت العرش ، يعذَّبون بها ثلاثة بالليل ، واثنان بالنَّهار " {[20025]} .

وقال سعيد بن جبير : زدناهم عذاباً بحيّات كالبخت ، وعقارب كالبغال تلسعهم ، وقيل : يخرجون من حرِّ النار إلى زمهرير{[20026]} .

وقيل : يضعَّف لهم العذاب بما كانوا يفسدون ، أي : بذلك الصَّد .


[20023]:ينظر: المحرر الوجيز 3/415.
[20024]:زيادة من: أ.
[20025]:أخرجه أبو يعلى (5/66) (رقم 2660) ثنا سريج ثنا إبراهيم بن سليمان عن الأعمش عن الحسن عن ابن عباس. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/390) وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح: قلت: وفي سماع الحسن من ابن عباس كلام. فقد نفى سماعه علي بن المديني وأحمد وأبو حاتم ويحيى ابن معين ينظر: المراسيل لابن أبي حاتم ص (33، 34) وجامع التحصيل ص (163).
[20026]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/81).