اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّهُۥ لَيۡسَ لَهُۥ سُلۡطَٰنٌ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (99)

ولما أمر رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - بالاستعاذة من الشيطان ، وكان ذلك يوهم أنَّ للشيطان قدرة على التصرُّف في أبدان النَّاس ، فأزال الله تعالى هذا الوهم ، وبيَّن أنه لا قدرة له ألبتَّة على الوسوسة ؛ فقال - تعالى- : { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ على الذين آمَنُواْ وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ، ويظهر من هذا أنَّ الاستعاذة إنما تفيد إذا حضر في قلب الإنسان كونه ضعيفاً ، وأنَّه لا يمكنه التحفُّظ عن وسوسة الشيطان إلا بعصمة الله _تعالى_ ، ولهذا المعنى قال المحققون : لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله تعالى ، ولا قوَّة على طاعة الله إلا بتوفيق الله ، والتَّفويض الحاصل على هذا الوجه هو المراد من قوله : { وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ، والاستعاذة بالله : هي الاعتصام به .