قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد }{[28368]} الآية . لما استدل بالأشياء المذكورة ، وهي من أصول النعم الدنيوية أتبعه بما يدل على أن هذه الدنيا أمرها كذلك لا يبقى ولا يدوم ، وإنما خلقها سبحانه وتعالى للابتلاء والامتحان ، وليتوصل بها إلى دار الخلود فقال : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد } .
قال مقاتل : إن ناساً كانوا يقولون : إن محمداً لا يكون فنزلت هذه الآية{[28369]} .
وقيل : كانوا يقدرون أنه سيموت فيشمتون به في قولهم : نتربص بمحمد ريب المنون{[28370]} ، فنفى الله عنه الشماتة بهذه الآية فقال : { أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون } قضى الله تعالى{[28371]} أن لا يخلد في الدنيا بشراً لا أنت ولا هم ، وفي هذا المعنى قول القائل :
3713- فَقُلْ للشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا*** سيلقى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا{[28372]}
وقيل : يحتمل أنه لما أظهر أنه عليه السلام{[28373]} خاتم الأنبياء ، وجاز أن يقدم مقدر أنه لا يموت إذ لو مات لتغير شرعه ، فنبه الله تعالى على أنه حاله كحال غيره من الأنبياء عليهم السلام{[28374]} في الموت{[28375]} .
قوله : { أَفَإِنْ مِّتَّ } تقدم نظيره في آل عمران عند قوله : { أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ }{[28376]} وفي هذه الآية دليل لمذهب سيبويه ، وهو أنه إذا اجتمع شرط واستفهام{[28377]} أجيب الشرط ، فتكون الآية قد دخلت فيها همزة الاستفهام على جملة الشرط والجملة المقترنة بالفاء جواب الشرط ، وليست مصبًّا للاستفهام ، وزعم يونس أن الاستفهام منصب على الجملة المقترنة بالفاء ، وأن الشرط معترض بين الاستفهام وبينها ، وجوابه محذوف{[28378]} . وليس بشيء إذ لو كان كما قال لكان التركيب : أفإن مت هم الخالدون بغير فاء{[28379]} . وكان ابن عطية ينحى منحى يونس فإنه قال : وألف استفهام داخلة في المعنى على جواب الشرط{[28380]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.