قوله : { وَإِذَا رَآكَ الذين كفروا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } المعنى : ما يتخذونك إلا هزواً ، وهذا رجوع إلى{[28399]} تهجين كفرهم . قال السدي ومقاتل : «نزلت في أبي جهل قرية النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو سفيان مع أبي جهل ، فقال أبو جهل{[28400]} لأبي سفيان : هذا نبيّ عبد مناف ، فقال أبو سفيان : وما تنكر{[28401]} أن يكون نبياً في بني عبد مناف . فسمع{[28402]} رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولهما فقال لأبي جهل «ما أراك{[28403]} تنتهي حتى ينزل بك{[28404]} ما نزل بعمك{[28405]} الوليد بن المغيرة ، وأما أنت يا أبا سفيان فإنما قلت ما قلته رحمة » فنزلت هذه الآية{[28406]} . قوله : «إنْ يَتَّخِذونَك » إنْ «هنا نافية ، وهي وما في حيزها جواب الشرط بإذا{[28407]} . و«إذا » مخالفة لأدوات الشرط في ذلك ، فإن أدوات الشرط متى أجيبت ب ( إن ) النافية أو ب ( ما ) النافية وجب الإتيان بالفاء تقول : إن أتيتني فإن أهنتك ، أو فما أهنتك ، وتقول : إذا أتيتني ما أهنتك بغير فاء يدل له قوله تعالى : { وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ }{[28408]} و «اتخذ » هنا متعد لاثنين و «هُزُواً » هو الثاني إما على حذف مضاف ، وإما على الوصف بالمصدر مبالغة ، وإما على وقوعه موقع اسم المفعول{[28409]} .
أحدهما : أنه «إِنْ » النافية وقد تقدم .
والثاني : أنه محذوف ، وهو القول الذي قد حكي به الجملة الاستفهامية في قوله { أهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ } إذ التقدير : وإذا رآك الذين كفروا يقولون أهذا الذي ، وتكون الجملة المنفية معترضة بين الشرط وبين جوابه المقدر{[28410]} .
قوله : { وَهُمْ بِذِكْرِ الرحمن هُمْ كَافِرُونَ } «هُمْ »{[28411]} الأولى مبتدأ مخبر عنه ب «كَافِرُونَ » ، و «بِذِكْرِ » متعلق بالخبر ، والتقدير : وهم كافرون بذكر ، و «هُمْ » الثانية{[28412]} تأكيد{[28413]} للأول تأكيداً لفظياً ، فوقع الفصل بين العامل ومعموله بالمؤكد ، وبين المؤكد والمؤكد بالمعمول .
أحدهما : أنها في محل نصب على الحال من فاعل القول المقدر ، أي{[28414]} : يقولون ذلك وهم على هذه الحالة{[28415]} .
والثاني : أنها حال من فاعل «يتخذونك » ، وإليه نحا الزمخشري فإنه قال : والجملة في موضع الحال ، أي يتخذونك هزواً وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بالله{[28416]} .
فصل{[28417]}
والمعنى : أنهم يعيبون عليه كونه يذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء مع أنهم بذكر الرحمن المنعم عليهم الخالق المحيي المميت كافرون ، ولا فعل أقبح من ذلك فيكون الهزؤ واللعن والذم عليهم من حيث لا يشعرون{[28418]} . ويحتمل أن يراد «بذكر الرحمن » القرآن . ومعنى إعادة «وهم » أن الأولى إشارة إلى القوم الذين كانوا يفعلون ذلك الفعل ، والثانية إبانة لاختصاصهم به ، وأيضاً فإن في إعادتها تأكيداً وتعظيماً لفعلهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.