قوله{[28381]} : { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت } هذا العموم{[28382]} مخصوص فإن له تعالى نفساً لقوله تعالى : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ }{[28383]} مع الموت لا يجوز عليه .
قال ابن الخطيب : وكذا الجمادات لها نفوس ، وهي لا تموت{[28384]} ، والعام المخصوص حجة فيبقى معمولاً به فيما عدا هذه الأشياء ، وذلك يبطل قول الفلاسفة في أن الأرواح البشرية والعقول والنفوس الفلكية لا تموت . واعلم أن الذوق ها هنا لا يمكن إجراؤه على ظاهره ، لأن الموت ليس من جنس المطعوم حتى يذاق ، بل الذوق إذ ذاك خاص ، فيجوز جعله مجازاً عن أصل الإدراك{[28385]} .
وأما الموت فالمراد منه هنا مقدماته من الآلام العظيمة ، لأن الموت قبل دخوله في الوجود يمتنع إدراكه ، وحال وجوده يصير الشخص ميتاً ، والميت لا يدرك شيئاً والإضافة في { ذَآئِقَةُ الموت } في تقدير الانفصال ، لأنه لما يستقبل{[28386]} ، كقوله{[28387]} : { غَيْرَ مُحِلِّي الصيد }{[28388]} و { هَدْياً بَالِغَ الكعبة }{[28389]} .
قوله : { وَنَبْلُوكُم بالشر والخير } «نَبْلُوكُمْ » نختبركم «بالشَّر والخَيْرِ » بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم والغنى والفقر . وقيل : بما تحبون وما تكرهون{[28390]} لكي يشكر على المنح ويصبر على المحن ، فيعظم ثوابه إذا قام بما يلزم . وإنما سمي ذلك ابتلاء{[28391]} وهو عالم بما يكون من أعمال العالمين قبل وجودهم لأنه في صورة الاختبار{[28392]} . قوله : «فِتْنَةً » في نصبه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله{[28393]} .
الثاني : أنه مصدر في موضع الحال ، أي فاتنين{[28394]} .
الثالث : أنه مصدر من معنى العامل لا من لفظه ، لأن الابتلاء فتنة ، فكأنه قيل : نفتنكم فتنة{[28395]} . ثم قال : «وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ » أي : إلى حكمه ومحاسبته ومجازاته بيّن بذلك بطلان قولهم في نفي البعث والمعاد{[28396]} . وقرأ العامة «ترجعون » بتاء الخطاب مبنياً للمفعول{[28397]} . وغيرهم بياء الغيبة على الالتفات{[28398]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.