اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ قُلۡتُم مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبۡحَٰنَكَ هَٰذَا بُهۡتَٰنٌ عَظِيمٞ} (16)

قوله : { ولولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ } كقوله : { لولا{[34194]} إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ } [ النور : 12 ] ولكن الالتفات فيه قال الزمخشري : فإن قلت : كيف جاز الفصل بين ( لولا ) و ( قلتم ) بالظرف ؟ قلت : للظروف شأن ليس لغيرها ، لأنها لا ينفك عنها ما يقع فيها ، فلذلك اتسع{[34195]} فيها{[34196]} .

قال أبو حيان : «وهذا يوهم اختصاص ذلك بالظروف ، وهو جائز في المفعول به ، تقول : لولا زيداً ضربتُ ، ولولا عَمْراً{[34197]} قتلتُ »{[34198]} .

وقال الزمخشري أيضاً : فإن قلت : أي فائدة في تقديم الظرف حتى أوقِعَ فاصلاً ؟ قلت : الفائدة فيه : بيان أنه كان الواجب عليهم أن يحترزوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به ، فلما كان ذكر الوقت أهم وجب تقديمه . فإن قلت : ما معنى «يكون » والكلام{[34199]} بدون مُتْلَئِب{[34200]} لو قيل : ما لنا أن نتكلم بهذا ؟ قلت : معناه : ينبغي ويصح ، أي : ما ينبغي وما يصح كقوله : { مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ }{[34201]} {[34202]} [ المائدة : 116 ] .

فصل{[34203]}

قوله : { ولولا{[34204]} إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نتَكَلَّمَ بهذا سُبْحَانَكَ } هذا اللفظ هنا معناه التعجب { هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } أي : كذب عظيم يبهت ويتحير من عظمته .

روي أن أم أيوب{[34205]} قالت لأبي أيوب الأنصاري{[34206]} : أما بلغك ما يقول الناس في عائشة ؟ فقال أبو أيوب : «سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ » فنزلت الآية على وفق قوله{[34207]} .


[34194]:في النسختين: ولولا. والصواب ما أثبته.
[34195]:في النسختين: امتنع، والصواب ما أثبته.
[34196]:وقع تغيير في عبارة الزمخشري من قوله: (قلت: للظروف شأن)، ونص العبارة: (قلت: للظروف شأن وهو تنزلها من الأشياء منزلة أنفسها لوقوعها فيها، وأنها لا تنفك عنها، فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها) الكشاف 3/66.
[34197]:في ب: عمروا. وهو تحريف.
[34198]:انظر البحر المحيط 6/438.
[34199]:في ب: الكلام.
[34200]:المتلئب: المستقيم. اللسان (تلأب).
[34201]:في ب: {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} [المائدة: 116].
[34202]:الكشاف 3/66.
[34203]:فصل: سقط من ب.
[34204]:في النسختين: لولا. وهو تحريف.
[34205]:هي أم أيوب الأنصارية الخزرجية، زوج أبي أيوب، وهي بنت مقيس بن سعد بن امرئ القيس، روت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – تهذيب التهذيب 12/460.
[34206]:هو أبو أيوب الأنصاري خالد بن يزيد، من أكابر الصحابة – رضي الله عنهم – نزل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بيته في المدينة يوم الهجرة إلى أن تم بناء مسجد له. كان من رواة الحديث، قاتل في أكثر الغزوات، مات سنة 52 هـ. المعارف 274، المنجد 14.
[34207]:انظر جامع البيان 18/77، أسباب النزول للواحدي (240) والفخر الرازي 23/187، تفسير ابن كثير 3/273، الدر المنثور 5/34.