قوله تعالى : { لولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } «لَوْلاَ » هذه تحضيضية ، أي : هَلاَّ ، وذلك كثير في اللغة إذا كانت تلي الفعل كقوله : «لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي »{[34129]} وقوله : «فَلَوْلاَ{[34130]} كَانَتْ » {[34131]} .
فأما إذا ولي الاسم فليس كذلك كقوله : { لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ }{[34132]} [ سبأ : 31 ] ، { وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ }{[34133]} [ النور : 21 ] . و «إذْ » منصوب ب «ظَنَّ » والتقدير : لولا ظَنَّ المؤمنون بأنفسهم إذ سَمِعْتُمُوه . وفي هذا الكلام التفات . قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل : لولا إذ سمعتموه ، ظننتم بأنفسكم خيراً وقلتم ، ولِمَ عَدَل عن الخطاب إلى الغيبة وعن الضمير إلى الظاهر ؟ قلت : ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات ، وليصرح بلفظ الإيمان دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض ألا يصدق ( أحد قالةً في أخيه ، وألا يظن بالمسلمين إلا خيراً ) {[34134]} .
وقوله{[34135]} : «وَلِمَ عدل عن الخطاب » ؟ يعني في قوله : «وَقَالُوا » فإنه كان الأصل : «وقلتم » ، فعدل عن هذا الخطاب إلى الغيبة في «وَقَالُوا » .
وقوله{[34136]} : «وعن الضمير » يعني أن الأصل كان «ظَنَنْتُمْ » فعدل عن ضمير الخطاب إلى لفظ المؤمنين .
المعنى : هلاَّ { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بِأَنْفُسِهِمْ } بإخوانهم «خَيْراً » .
وقال الحسن : بأهل دينهم ، لأن المؤمنين كنفس واحدة ، كقوله : { وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ }{[34137]} [ النساء : 29 ] { فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ }{[34138]} [ النور : 61 ] المعنى : بأمثالكم المؤمنين .
وقيل : جعل المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور ، فإذا جرى على أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم ، كما قال عليه السلام{[34139]} «مَثَلُ المُسْلِمينَ في تَوَاصُلِهِمْ وتراحُمِهِمْ كمثل الجَسَد إذا وجع بعضه وجع كله بالسَّهر والحُمَّى »{[34140]} ، وقال عليه السلام{[34141]} : «المؤمنُون كالبُنْيَانِ يشدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً{[34142]} »{[34143]} .
وقوله : { هاذا إِفْكٌ مُّبِينٌ } أي : كذب بين{[34144]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.