اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَا مَعَهُۥٓ أَخَاهُ هَٰرُونَ وَزِيرٗا} (35)

ولما تكلم في التوحيد ، ونفي الأنداد{[10]} وإثبات النبوة وأحوال القيامة شرع في ذكر القصص على الطريقة المعلومة{[11]} .قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب } الآية . لما{[36104]} قال : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ المجرمين } [ الفرقان : 31 ] وذكر ذلك في معرض التسلية له ، ذكر جماعة من الأنبياء ، وعرفه تكذيب أممهم ، والمعنى{[36105]} : لست يا محمد بأول من أرسلنا فكذب ( وآتيناه الآيات فرُدّ }{[36106]} : فقد آتينا موسى الكتاب ، وقوينا عضده بأخيه هارون ( ومع ذلك فقد رُدّ ){[36107]} {[36108]} . فإن قيل : كون{[36109]} هارون وزيراً كالمنافي لكونه شريكاً ، بل يجب أن يقال : إنه لما صار ( شريكاً ){[36110]} خرج عن كونه وزيراً . فالجواب : لا منافاة بين الصنفين ، لأنه لا يمنع أن يشركه في النبوة ويكون وزيراً ، وظهيراً{[36111]} ، ومعيناً له{[36112]} . ولا{[36104]} وجه لقول من قال في قوله : «فَقُلْنَا اذْهَبا » إنه خطاب لموسى عليه السلام{[36105]} وحده بل يجري مجرى قوله : { اذهبا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى }{[36106]} [ طه : 43 ] .

قوله{[36107]} : «هَارونَ » بدل{[36108]} ، أو بيان{[36109]} ، أو منصوب على القطع و «وَزِيراً » مفعول ثان{[36110]} ، وقيل : حال ، والمفعول الثاني قوله «معه »{[36111]} . قال الزجاج : الوزير في اللغة الذي يرجع إليه ويعمل{[36112]} برأيه ، والوزر{[10]} ما يعتصم به ، ومنه : { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } [ القيامة : 11 ] أي : لا منجى ولا ملجأ{[11]} . قال القاضي : ولذلك لا يوصف{[12]} تعالى بأن له{[13]} وزيراً{[14]} .


[10]:الجامع لأحكام القرآن 20/91.
[11]:سقط في ب.
[12]:سقط في ب.
[13]:ستأتي في "المؤمنون" 1 وينظر: شرح الطيبة 4/ 145.
[14]:قال سيبويه في الكتاب 3/265 وزعم من يوثق به: أنه سمع من العرب من يقول: "ثلاثة أربعه" طرح همزة أربعه على الهاء ففتحها، ولم يحولها تاء لأنه جعلها ساكتة والساكن لا يتغير في الإدراج، تقول: اضرب، ثم تقول: اضرب زيدا.
[36104]:في ب: ولما.
[36105]:في ب: فالمعنى.
[36106]:ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
[36107]:انظر الفخر الرازي 24/80.
[36108]:ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
[36109]:في ب: كيف. وهو تحريف.
[36110]:شريكا: تكملة من الفخر الرازي.
[36111]:في ب: ظهيرا.
[36112]:انظر الفخر الرازي 24/81.