اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا رَأَوۡكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا} (41)

قوله{[36206]} : «وإذَا رَأَوْكَ »{[36207]} الآية . لما بين مبالغة المشركين في إنكار نبوته{[36208]} بإيراد الشبهات بين بعد ذلك أنهم إذا رأوا الرسول اتخذوه هزواً ، ولم يقتصروا على ترك الإيمان به بل زادوا عليه بالاستهزاء والاستحقار ، ويقول بعضهم لبعض : { أهذا{[36209]} الذي بَعَثَ الله رَسُولاً }{[36210]} .

قوله : «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ » «إنْ » الأولى{[36211]} نافية ، والثانية{[36212]} مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة{[36213]} بينهما{[36214]} ، و «هُزُوًّا مفعول ثان{[36215]} ، ويحتمل أن يكون التقدير : موضع هُزْءٍ وأن يكون مهزوءاً بك . وهذه الجملة المنفية تحتمل وجهين :

أحدهما : أنها جواب ( إذا ) الشرطية{[36216]} ، واختصت ( إذا ) بأن جوابها متى كان منفياً ب ( ما ) أو ( إن ) أو ( لا ) لا تحتاج إلى الفاء بخلاف غيرها من أدوات الشرط{[36217]} فعلى هذا يكون قوله : «أَهَذَا الَّذي » في محل نصب بالقول المضمر ، وذلك القول المضمر في محل نصب على الحال ، أي : إن يتخذونك قائلين ذلك{[36218]} .

والثاني : أنها جملة معترضة بين ( إذا ) وجوابها . وجوابُها هو ذلك القول المضمر المحكي به{[36219]} «أهذا الذي » والتقدير : وإذا رأوك قالوا أهذا الذي{[36220]} بعث ، فاعترض{[36221]} بجملة النفي ، ومفعول «بعث » محذوف هو{[36222]} عائد الموصول{[36223]} ، أي : بعثه{[36224]} .

و «رسولاً » على بابه من كونه صفة فينتصب على الحال ، وقيل : هو مصدر بمعنى رسالة{[36225]} ، فيكون على حذف مضاف ، أي ذا رسول بمعنى رسالة ، أو يجعل نفس المصدر مبالغة ، أو بمعنى : مرسل{[36226]} . {[36227]} وهو تكلف .


[36206]:في ب: قوله تعالى.
[36207]:في النسختين: "وإذا رآك الذين كفروا". وهو خطأ من الناسخ. [الأنبياء: 16].
[36208]:في ب: النبوة.
[36209]:"أ" في "أهذا" سقط من ب.
[36210]:انظر الفخر الرازي 24/84.
[36211]:في قوله: "إن يتخذونك".
[36212]:في قوله: "إن كاد ليضلنا".
[36213]:في ب: المفارقة.
[36214]:انظر الكشاف 3/98، البيان 2/205، 206.
[36215]:في ب: وهزا.
[36216]:انظر البيان 2/205.
[36217]:انظر البحر المحيط 6/500.
[36218]:والتقدير: وإذا رأوك ما يتخذونك إلا هزوا قائلين أهذا الذي بعث الله رسولا. انظر البيان 2/205.
[36219]:به: سقط من ب.
[36220]:الذي: سقط من ب.
[36221]:في ب: فأعرض.
[36222]:في الأصل: أي هو.
[36223]:الموصول: مكرر في ب.
[36224]:انظر البحر المحيط 6/500.
[36225]:قالهما ابن الأنباري. البيان 2/205.
[36226]:انظر التبيان 2/987.
[36227]:المرجع السابق.