اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَوۡمَ نُوحٖ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغۡرَقۡنَٰهُمۡ وَجَعَلۡنَٰهُمۡ لِلنَّاسِ ءَايَةٗۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (37)

قوله تعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ } الآية . يجوز أن يكون «قَوْمَ » منصوباً عطفاً على مفعول «دَمَّرْنَاهم »{[36133]} ، ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مضمر قوله : «أَغْرَقْنَاهُمْ »{[36134]} وترجح هذا بتقديم جملة فعلية قبله . هذا إذا قلنا : إن «لما » ظرف زمان{[36135]} ، وأما إذا{[36136]} قلنا إنها حرف وجوب لوجوب فلا يتأتى ذلك ، لأن «أَغْرَقْنَاهُمْ » حينئذ جواب «لما » ، وجوابها لا يفسر{[36137]} ، ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مقدر لا على سبيل الاشتغال ، أي : اذكر قوم نوح{[36138]} .

فصل

إنما قال : «كذبوا الرسل » إما لأنهم كانوا من البراهمة المنكرين لكل الرسل ، أو{[36139]} لأن تكذيبهم{[36140]} لواحد تكذيب للجميع ، لأن من كذب رسولاً واحداً فقد كذب جميع الرسل{[36141]} .

وقوله «أَغْرَقْنَاهُمْ » . قال الكلبي : أمطرنا عليهم السماء أربعين يوماً ، وأخرج ماء الأرض أيضاً في تلك الأربعين ، فصارت{[36142]} الأرض بحراً واحداً{[36143]} . «وَجَعَلْنَاهُمْ » أي : جعلنا إغراقهم وقصتهم «للناس آية » للظالمين أي : لكل من سلك سبيلهم ، «وأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمينَ » في الآخرة «عَذَاباً أَلِيماً »{[36144]} .


[36133]:انظر البيان 2/204، التبيان 2/986، البحر المحيط 6/498.
[36134]:انظر تفسير ابن عطية 11/39، البيان 2/204، التبيان 2/986.
[36135]:تبعا لابن السراج والفارسي ومن تبعهما في أنها ظرف بمعنى حين. انظر المغني 1/280.
[36136]:في ب: إن.
[36137]:انظر البحر المحيط 6/498.
[36138]:انظر البيان 2/204، البحر المحيط 6/498. وقال الفراء: إنه منصوب بـ (أغرقناهم) معاني القرآن 2/268، ورده النحاس، فإنه قال: (وهذا لا يحصل لأن (أغرقنا) ليس مما يتعدى إلى مفعولين فيعمل في المضمر وفي قوم (نوح) إعراب القرآن 3/161.
[36139]:في ب: و. وهو تحريف.
[36140]:في الأصل: تكذبهم.
[36141]:انظر الفخر الرازي 24/81.
[36142]:في ب: لصارت.
[36143]:انظر الفخر الرازي 24/81.
[36144]:المرجع السابق.