اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ فَأۡتِ بِهِۦٓ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (31)

فعند ذلك قال : { فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } وإنما قال موسى ذلك لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان فقال فرعون : «فَأْتِ بِهِ » فإنا لن نسجنك حينئذ { إِن كُنتَ مِنَ الصادقين }{[37067]} فإن قيل : كيف قطع الكلام بما لا تعلق له بالأول ، وهو قوله : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُبِينٍ }{[37068]} أي : بآيةٍ{[37069]} بيِّنة ، والمعجز لا يدل على الله لدلالة سائر ما تقدم ؟ .

فالجواب : بل يدل على ما أراد أن يظهره من انقلاب العَصَا حَيَّةً على الله ، وعلى توحيده ، وعلى أنه صادق في ادعاء الرسالة ، فالذي ختم به كلامه أقوى من كل ما تقدم{[37070]} . والواو في قوله : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ } واو الحال ، دخلت عليها همزة الاستفهام ، والمعنى : أتفعل بي ذلك ولو جئتُكَ بشيء مبين ؟ أي : جائياً بالمعجزة{[37071]} وقال الحوفي : «هي واو العطف »{[37072]} . وتقدم تحرير هذا عند قوله : { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ }{[37073]} في البقرة ، وغالب الجمل هنا تقدم إعرابها .


[37067]:انظر الفخر الرازي 24/130.
[37068]:مبين: مكرر في ب.
[37069]:في ب: بأنه. وهو تحريف.
[37070]:انظر الفخر الرازي 24/130.
[37071]:انظر: الكشاف 3/112.
[37072]:انظر البحر المحيط 7/14.
[37073]:من قوله تعالى: {أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون} [البقرة: 170].