قوله : { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ } . العامة على تشديد ميم{[36995]} «لَمَّا » وهي «لَمَّا » التي هي حرف وجوب عند سيبويه{[36996]} . أو بمعنى «حِينَ » عند الفارسي{[36997]} . وروي عن حمزة بكسر اللام وتخفيف الميم{[36998]} ، أي : لِتَخَوُّفِي مِنْكُمْ ، و «ما » مصدرية . وهذه القراءة تشبه قراءته في «آل عمران » : { لِمَا آتَيْتُكُم }{[36999]} [ آل عمران : 81 ] . وقد تقدمت مستوفاة .
( قال الزمخشري : إنما جمع الضمير في «مِنْكُمْ » و «خِفْتُكُمْ » مع إفراده في «تَمُنُّهَا »{[37000]} و «عَبَّدْتَ »{[37001]} ، لأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ، ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله لقوله : { إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } [ القصص : 20 ] ، وأما الامتنان والتعبد فمنه{[37002]} وحده ){[37003]} .
والمعنى : إني فعلت ذلك الفعل وأنا ذاهل عن كونه مهلكاً ، وكان مني في حكم السهو ، فلم أستحق التخويف الذي يوجب الفرار ، ومع ذلك فررت منكم لما خفتكم عن قولكم : { إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } [ القصص : 20 ] فبين بذلك ألاّ نعمة له عليه في الفعلة ، بل بأن يكون مسيئاً فيه أقرب{[37004]} .
وقد ورد لفظ «الفرار » على أربعة :
الأول : بمعنى الهرب ، كهذه الآية ، ومثله { لَنْ{[37005]} يَنفَعَكُمُ الفرار إِن فَرَرْتُمْ مِنَ الموت }{[37006]} .
الثاني : بمعنى الكراهية ، قال تعالى : { قُلْ إِنَّ الموت الذي تَفِرُّونَ{[37007]} مِنْهُ } [ الجمعة : 8 ] أي : تكرهونه .
الثالث : بمعنى اشتغال المرء بنفسه ، قال تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [ عبس : 34 - 35 ] أي : لا يلتفت إليهم ، لاشتغاله بنفسه .
الرابع : بمعنى التباعد ، قال تعالى : { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعائي إِلاَّ فِرَاراً } [ نوح : 6 ] أي : تباعداً . ثم بين نعم الله عليه بعد الفرار{[37008]} ، فكأنه قال : أسأتم وأحسن الله إليَّ بأن وهب لي حكماً{[37009]} . قرأ عيسى : «حُكُماً » بضم الكاف{[37010]} إتباعاً . والمراد بالحكم : العلم والفهم ، قاله مقاتل : وقيل : النبوة . والأول أقرب ، لأن المعطوف غير المعطوف عليه ، والنبوة مفهومة من قوله : { وَجَعَلَنِي مِنَ المرسلين }{[37011]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.