اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعۡبَانٞ مُّبِينٞ} (32)

قوله تعالى : { فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } . واعلم أن قوله : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُبِينٍ } يدل على أن الله تعالى عرفه قبل إلقاء العصا بأنها تصير ثعباناً ، فلذلك{[37074]} قال ما قال ، فلما ألقى موسى{[37075]} عصاه وصارت ثعباناً ، روي أنها لما انقلبت حية ارتفعت في السماء قدر ميل ، ثم انحطت مقبلة إلى فرعون تقول : يا موسى ، مرني بما شئت ، ويقول فرعون : ( يا موسى ){[37076]} أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها ، فأخذها فعادت عصا{[37077]} . فإن قيل : كيف قال : «ثُعْبَانٌ مُبِينٌ » وفي آية أخرى : { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى } [ طه : 20 ] وفي آية ثالثة : { كَأَنَّهَا جَانٌّ } [ القصص : 31 ] والجانّ مائل إلى الصغر ، والثعبان إلى الكبر ؟ .

فالجواب : أن الحية اسم الجنس ، ثم لكبرها صارت ثعباناً ، وشببها بالجانّ لخفتها ، وسرعتها{[37078]} ، فصح الكلامان . ويحتمل أنه شببها بالشيطان لقوله : { والجانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَارِ السموم } [ الحجر : 27 ] . ويحتمل أنها كانت صغيرة كالجانّ ثم عظمت فصارت ثعباناً{[37079]}


[37074]:في ب: فكذلك. وهو تحريف.
[37075]:موسى: سقط من ب.
[37076]:يا موسى: تكملة من الفخر الرازي.
[37077]:انظر الفخر الرازي 24/131.
[37078]:في ب: أو سرعتها.
[37079]:انظر الفخر الرازي 24/131-132.