قرأ العامة " تُحِبُّونَ " - بضم حرف المضارعة ، من " أحَبَّ " وكذلك { يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } .
وقرأ أبو رجاء العُطَارِديّ{[5371]} " تَحِبُّون ، يَحْبِبْكم " بفتح حرف المضارعة - من حَبَّ - وهما لغتان ، يقال حَبَّه يَحُبُّه - بضم الحاء وكسرها في المضارع - وأحَبَّهُ يُحبُّهُ .
وحكى أبو زيد : حَبَبْتُهُ ، أحِبُّه .
فَوَاللهِ لَوْلاَ ثُمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ *** وَلاَ كَانَ أدْنَى مِنْ عُوَيفٍ وَمُشرِقِ{[5372]}
ونقل الزمخشريُّ : قراءة يَحبكم{[5373]} - بفتح الياء والإدغام - وهو ظاهر ، لأنه متى سكن المثلين جَزْماً ، أو وقْفاً جاز فيه لغتان : الفك والإدغام . وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله في المائدة .
والحُبّ : الخَابِيَة - فارسيّ مُعَرَّب - والجمع : حِباب وحِبَبَة ، حكاه الجوهريُّ .
وقرأ الجمهور " فَاتَّبِعُونِي " بتخفيف النون ، وهي للوقاية .
وقرأ الزُّهري بتشديدها{[5374]} ، وخُرِّجَتُ على أنه ألحق الفعل نون التأكيد ، وأدغمها في نون الوقاية وكان ينبغي له أن يحذف واوَ الضمير ؛ لالتقاء الساكنين ، إلا أنه شبَّه ذلك بقوله : { أَتُحَاجُّونِّي } وهو توجيه ضعيف ولكن هو يصلح لتخريج هذا الشذوذ .
وطعن الزجاجُ على من روى عن أبي عمرو إدغام الراء من " يغفر " في لام " لكم " .
وقال : هو خطأ وغلط على أبي عمرو . وقد تقدم تحقيقه ، وأنه لا خطأ ولا غلط ، بل هو لغة للعرب ، نقلها الناس ، وإن كان البصريون لا يُجِيزون ذلك كما يقول الزجاج .
اعلم أنه - تعالى - لما دعاهم إلى الإيمان به وبرسولِه على سبيل التهديدِ والوعيد دعاهم إلى ذلك بطريق آخرَ ، وهو أن اليهود كانوا يقولون :
{ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] فنزلت هذه الآية .
وروي الضحاك - عن ابن عباس - أن النبي وقف على قريش - وهم في المسجد الحرام يسجدون للأصنام وقد علقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها السيوف .
- فقال : يا معشر قريش ، والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم ، فقالت قريش : إنما نعبدها حباً لله : { لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [ الزمر : 3 ] ، فقال الله - تعالى - : " قل " يا محمد { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ } فتعبدون الأصنام لتقربكم إليه { فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } فأنا رسولُه إليكم ، وحجتُه عليكم أي اتبعوا شريعتي وسنتي يحببكم الله {[5375]} .
وقال القرطبي : " نزلت في وفد نجرانَ ؛ إذْ زعموا أنّ ما ادَّعَوْه في عيسى حُبٌّ لله عز وجل " .
وروي أن المسلمين قالوا : يا رسول الله ، والله إنا لنحب رَبَّنا ، فأنزل الله - عز وجل - { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي }{[5376]} [ آل عمران : 31 ] .
قال ابن عرفة : المحبة - عند العرب - إرادة الشيء على قَصْدٍ له .
وقال الأزهري : محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما ، واتباعه أمرهما ، قال تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي } [ آل عمران : 31 ] [ ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران ، قال الله تعالى : { فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 32 ] ، أي : لا يغفر لهم ]{[5377]} .
قال سهل بن عبد الله : علامة حُبّ الله حُبّ القرآن ، وعلامة حب القرآن حبُّ النبي ، وعلامة حب النبي صلى الله عليه وسلم حب السنة ، وعلامة حب السنة ، حب الآخرة ، وعلامة حب الآخرة ، أن لا يحب نفسه ، وعلامة أن لا يحب نفسه أن يبغض الدنيا ، وعلامة بغض الدنيا أن لا يأخذ منها إلا الزاد والبُلْغَة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.