قوله : " خالدين " حال من المضير في " عَلَيْهِمْ " والعامل فيها الاستقرار ؛ أو الجارّ ؛ لقيامه مقام الفعلِ ، والضمير في " فِيهَا " للَّعنة ، ومعنى الخلود في اللعن فيه وجهان :
الأول : أنهم يوم القيامة لا تزال تلعنهم الملائكةُ والمؤمنون ، ومَنْ معهم في النار ، ولا يخلو حالٌ من أحوالهم من اللعنة .
الثاني : أن اللَّعْنَ يوجب العقابَ ، فعبَّر عن خلود أثر اللعن بخلود اللعنِ ، ونظيره قوله : { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ } [ طه : 100-101 ] وقال ابن عباس : قوله : " خالدين فيها " أي في " جهنم " ، فعلى هذا الكناية عن غير مذكور . و{ لاَ يُخَفَّفُ } جملة حالية أو مستأنفة ، و { إِلاَّ الَّذِينَ } استثناء متصل .
اعلم أن لعنة الله مخالفة للعنة الملائكة ؛ لأن لعنته بالإبعاد من الجنة ، وإنزال العذاب ، واللعنة من الملائكة ، ومن الناس هي بالقول ، وكل ذلك مستحق لهم بسبب ظلمهم وكفرهم .
فإن قيل : لم عَمَّ جَمِيع النَّاس ، ومَنْ يُوافِقهُ لا يَلْعَنُهُ ؟ فَالجوابُ مِن وُجوهٍ :
أحدها : قال أبو مُسْلِمٍ : لَهُ أن يَلْعَنَهُ ، وَإن كَانَ لاَ يَلْعَنُهُ .
الثاني : أنَّهُم فِي الآخرةِ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، لِقَوْلِهِ تَعالَى : { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } [ الأعراف : 38 ] وقال :
{ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] وعلى هَذا فَقَدْ حَصَلَ اللَّعْنُ للكفارِ ومن يوافقهم .
الثالث : كأن الناسَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، والْكُفَّار لَيْسُوا مِن النَّاس .
الرابع : وهو الأصح - أنَّ جميعَ الْخَلقِ يَلْعَنُونَ المُبْطِلَ والكَافِرَ ، وَلَكِنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِهِ أنَّهُ لَيْسَ بمُبْطِلٍ وَلا بكافرٍ فَإذا لَعَن الكافِرَ - وَكَانَ هُو فِي عِلم اللهِ كَافراً - فَقَدْ لَعَنَ نَفْسَه ، وَهُوَ لا يَعْلَم ذَلكَ .
قوله : " لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون " مَعْنَى الإنْظَار : التَّأخِيْرُ ، قَالَ تَعالى : { فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة } [ البقرة : 280 ] والمَعْنَى : لاَ يُخَفَّفُ ، وَلا يُؤخَّر من وَقتٍ إلى وَقْتٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.