اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ وَلَا يَسۡتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (60)

ثم إنه تعالى سَلَّى نبيه عليه ( الصلاة{[42297]} و ) السلام فقال : { فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } في نصرتك وإظهارك على عدوك وتبيين صدقك{[42298]} .

قوله : { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين } العامة من الاسْتِخْفَافِ{[42299]} - بخاء مُعْجَمَةٍ وفاءٍ - ويعقوبُ ، وابنُ أبي إسحاق{[42300]} بحاء مهملة{[42301]} وقاف من الاسْتِحْقَاق . وابنُ أبي ( عبلة{[42302]} ) ويعقوبُ بتخفيف نون التوكيد والنهي من باب : لاَ أَرَينْكَ هَهُنَا{[42303]} .

فصل :

المعنى ولا يَسْتَجْهِلَنَّكَ أي لا يَجْهَلَنَّكَ{[42304]} { الذين لا يوقنون } على الجهل واتباعهم في البغي{[42305]} ، وقيل : لا يَسْتَحِقَّنَ رأيكَ وحِلْمَك الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب ، وهذا إشارة إلى وجوب مُدَاومَةِ النبي - عليه السلام - على الدعاء إلى الإيمان ، فإنه لو سكت لَقَالَ الكافرون : إنه متقلب قابل الرأي لا ثبات له .

ختام السورة:

روى أبو أمامة عن أبيِّ بْنِ كَعْبٍ قال : «قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأَ سُورَة الرُّومِ كان لَهُ من الأجر عشر حسناتٍ بعدد كُلّ مَلَك يُسَبِّح اللَّهُ بَيْنَ السَّمَاء والأرض وأَدْرَكَ ما صَنَعَ في يومه وليلته »{[1]} . رواه الثعلبي في تفسيره والله أعلم ( وأحكم ){[2]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[42297]:زيادة من "ب".
[42298]:انظر: تفسير الفخر الرازي 25/137 و 138.
[42299]:قال ابن منظور في اللسان: "واستخف فلان بحقّي إذا استهان به واستخفّه الفرح إذا ارتاح لأمر". انظر: اللسان:" خ ف ف" 1212. وقال الزجاج في معاني القرآن: "أي لا يستفزنّك عن دينك الذين لا يوقنون، أي هم ضُلاَّلٌ شاكُّون". انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/192.
[42300]:ابن أبي إسحاق: هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق زيد الحضرمي البصري اشتهر بكنية والده، أخذ عن نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وجدَّ في العلم حتى بلغ الغاية فيه مات سنة 117 هـ. انظر: نشأة النحو 61.
[42301]:أوردها ابن جني في المحتسب في القراءات الشاذة 2/166 وهي معترض عليها كما قال ابن جني لمخالفتها لفظاً ومعنى القراءة المعتادة إذ يصير المعنى لا يغلبنك فيصيروا أحق بك منك بنفسك.
[42302]:ساقط من "ب".
[42303]:انظر هذه القراءة في الإتحاف 349 والبحر المحيط 7/181 والكشاف 3/228، ومعنى "لا أرينك ههنا" أنه مثال مأخوذ من قولهم في المثل "بعين ما أرينك" ومعناه اعمل كأني أنظر إليك ودخل التوكيد لدخول (ما) لأن ما زائدة للتوكيد ولأجلها دخلت النون. ومثله المثال والنهي مقصود به هنا الدوام والثبات على الحال التي هو فيها يقول سيبويه في الكتاب 3/517: ومن مواضعها أفعال غير الواجب التي في قولك: بجهد ما تبلغنَّ، وأشباهه، وإنما كان ذلك لمكان "ما".
[42304]:في "ب" لا يحملنَّك وهو الأصح.
[42305]:في "ب" الغيّ.