قوله : { الله الذي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ } لما أعاد دليل الآفاق بقوله : { الله الذي يُرْسِلُ الرّياح } أعاد دليلاً من دلائل الأنفس أيضاً وهو خلق الآدمي وذكر أحواله فقال : { خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ } أي ( بأذى{[42245]} ضعف ) كقوله : { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } [ المرسلات : 20 ] ، وقرىء : «ضُعْف » بضم الضاد ، وفتحها{[42246]} ، فالضم لُغة قريش ، والفتح لغة تميم «من ضعف » أي من نطفة . وتقدم الكلام في القراءتين والفرق بينهما في الأنفال{[42247]} ، { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً } ( أي{[42248]} ) من بعد ضعف الطفولية شباباً وهو وقت القوة { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً } هَرَماً «وَشَيْبَةً » والشيبة هي تمام الضعف { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } .
( فإن قيل{[42249]} : ما الحكمة في قوله ههنا : { وَهُوَ العليم القدير } ) فقدم العلم على القدرة ، وقولِهِ من قبل : { وَهُوَ العزيز الحكيم } والعزة إشارة إلى كمال القدرة ، والحكمة إشارة إلى كمال العلم ، فقدم القدرة هناك على العلم ؟ ! .
فالجواب أن المذكور هناك الإعادة { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المثل الأعلى فِي السموات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم } لأن الإعادة بقوله : «كُنْ فَيَكُونَ » فالقدرة هناك أظهر وههنا المذكور الإبداء وهو أطوارٌ وأحوالٌ والعلم بكل حال حاصل فالعلم هَهُنا أظهر ثم إن قوله تعالى : { وَهُوَ العليم القدير } فيه تبشير وإنذار ؛ لأنه إذا كان عالماً بأحوال الخلق يكون عالماً بأحوال المخلوق فإن عملوا خيراً علمه{[42250]} ثم إذا كان قادراً فإذا علم الخير أثاب ، وإذا علم الشر عاقب ، ولما كان العلم بالأحوال قبل الإثابة والعقاب اللَّذَيْن هما بالقدرة ( والعلم{[42251]} ) قدم العِلم ، وأما الآية الأخرى فالعلم بتلك الأحوال قبل العقاب فقال : { وَهُوَ العزيز الحكيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.