{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتبع الذكر وَخشِيَ الرحمن بالغيب } قال من قبل : { لِتُنذِرَ قَوْماً } [ يس : 6 ] وذلك يقتضي الإنذار العام وقال هنا : «إنَّما تنذر » وهو يقتضي التخصيص ، فكيف الجمع بينهما ؟ ! وطريقه من وجوه :
الأول : أن قوله : «لتنذر » أي ( كَيْفَ ){[45757]} ما كان سواء كان مفيداً أو لم يكن .
وقوله : { إِنَّما تُنْذِرُ } أي الإنذار المفيد لا يكون إلا بالنسبة لمن يتبع الذِّكْرَ وَيَخْشَى .
الثاني : ( هو ){[45758]} أنّ الله تعالى لما بين أن الإرسال أو الإنزال للإنذار وذكر ( أن ){[45759]} الإنذار وعدمه سيان بالنسبة إلى أهل العناد قال لنبيه : ليس إنذارك غيرَ مفيد من جميع الوجوه ، فأنِذرْ على سبيل العموم وإنما يُنْذَرُ{[45760]} بذلك الإنذارِ العَام{[45761]} من يتبع الذكر كأنه يقول : يا محمد أنذر بإنذارك وتَتَبَّعْ بذكرك .
الثالث : أن يقول : لتنذر أولاً فإذا أنذرت وبالغت ( وبلغت ){[45762]} واستهزأ البعض وتولى واستكبر فبعد ذلك إنما تُنْذِرُ الِّذِينَ اتَّبَعُوك{[45763]} . والمراد بالذكر : القرآن لتعريف الذكر بالألف واللام . وقد تقدم ذكر القرآن في قوله تعالى : { والقرآن الحكيم } [ يس : 2 ] . وقيل : ما في القرآن من الآيات لقوله : { والقرآن ذِي الذكر } [ ص : 1 ] فما جعل القرآن نفس الذكر . والمعنى إنما تُنْذِرُ العلماءَ الِّذِين يخشون ربهم . وقوله : { وَخشِيَ الرحمن } أي عمل صالحاً لقوله : { فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } وهذا جزاء العمل كقوله : { فالذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الحج : 50 ] والمراد بالغيب : ما غاب وهو أحوال يوم القيامة . وقيل الوَحْدانية{[45764]} .
وقوله : { فَبَشِّره } إشارة إلى الرسالة ، فإنَّ النَّبِيِّ بشيرٌ ونذيرٌ .
وقوله : «بمغفرة » على التنكير أي بمغفرة واسعةٍ تسيرُ من جميع الجوانب «وَأجْرٍ كريمٍ » أي ذي كرم كقوله : { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } والمراد به الجنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.