قوله : { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } صفة أيضاً{[46976]} وبطل عمل لا وتكررت لتقدم{[46977]} خبرها ، وتقدم{[46978]} أول البقرة فائدة تقديم مثل هذا الخبر ، والبحثُ مع أبي حيان فيه .
قال الفراء : العرب تقول ليس فيها غِيلَةٌ وغائلةٌ وغُول ( وغَوْل ){[46979]} سواء{[46980]} ، وقال أبو عبيدة : الغَوْلُ أن تغتال{[46981]} عقولهم{[46982]} وأنشد قول مطيع بن إياس :
4198 - وَمَا زَالَتِ الْكَأسُ تَغْتَالُهُمْ . . . وَتَذْهَبُ بالأَوَّل فَالأّوَّلِ{[46983]}
وقال الليث : الغول الصداع والمعنى ليس فيها صداع كما في خمر الدنيا{[46984]} ، وقال الواحدي : الغَوْل حقيقته الإهلاك ، يقال : غَالَهُ غَوْلاً واغْتَالَهُ أهْلَكَهُ ، والغَوْل والغَائلُ المهلك وسُمِّي ( وَطْءُ ){[46985]} المرضع غَوْلاً لأنه يؤدي إلى الهلاك ، والغول كلُّ ما اغتالك أي أهلَكك ، ومنه الغُولُ بالضم شيء تَوَهَّمَتْهُ العرب ولها فيه أشعار{[46986]} كالعَنْقَاء{[46987]} يقال : غَالِني كذا ومنه الغِيلَة في العقل والرضاع قال :
4199- مَضَى أَوَّلُونَا نَاعِمِينَ بِعَيْشِهِمْ . . . جَمِعياً وَغَالتنِي بِمَكَّةَ غُولُ{[46988]}
فالغول اسم لجميع الأذى . وقال الكلبي : لا فيها إثمٌ{[46989]} ، وقال قتادة : وَجَعُ البطن{[46990]} . وقال أهل المعاني : الغول فساد يلحق أمره في خفية ، وخمر الدنيا يحصل فيها أنواع من الفساد منها السُّكْرُ وذَهَابُ العقل ووجع البطن والصُّدَاع والقيءُ والبَوْل ولا يوجد شيء من ذلك من خمر{[46991]} الجنة .
قوله : { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } قرأ الأخوان «ينزفون » هنا ، وفي الواقعة{[46992]} ، بضم الياء وكسر الزاي . وافقهما عاصمٌ على ما في الواقعة فقط . والباقون بضم الياء وفتح الزاي{[46993]} . وابن أبي إسحاق بالفتح والكسر{[46994]} . وطلحة بالفتح والضم{[46995]} فالقراءة الأولى من أَنْزَفَ الرَّجُلُ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ من السكر فهو نَزِيفٌ وَمنزُوفٌ ، وكان قياسه مُنِزْفٌ كمُكْرِم ، ونَزَفَ الرجلُ الخمْرةَ فَأنْزَفَ هو ثُلاَثيُّهُ متعددٌ ورباعيه بالهمزة قاصر وهو نحو : كَبَبْتُهُ فأَكَبَّ وقَشعَت الريحُ السَّحابَ فَأَقْشَعَ أي دخلا في الكَبِّ والقَشْعِ{[46996]} وقال الأسود :
4200- لَعْمرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُم أَوْ صَحَوْتُمُ . . . لَبْئِسَ النَّدَامَى أَنْتُمْ آلَ أَبْجَرَا{[46997]}
ويقال : أنزف أيضاً أي نَفِذَ{[46998]} شَرَابُهُ . وأما الثانية فمن نزف أيضاً بالمعنى المتقدم وقيل هو من قولهم : نَزَفتِ الرَّكِيَّةُ أي نَزَحَتْ{[46999]} ماءها . والمعنى أنهم لا تذهب خمورهم{[47000]} بل هي باقية أبداً ، وضمن يَنْزِفُونَ معنى يصدون عنها بسبب النَّزِيفِ .
وأما القراءتان الأخيرتان{[47001]} فيقال : نَزِف الرجلُ ونَزُفَ بالكسر والضم بمعنى ذهب عقله بالسّكر ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.