اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ يَتَسَآءَلُونَ} (27)

قوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } قيل : الأتباع والرؤساء يتساءلون متخاصمون . وقيل : هم والشياطين يقولون إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أي من قبل الدين فتضلوننا عنه . قاله الضحاك ، وقال مجاهد : من الصراط الحق واليمين عبارة عن الدِّين والحق كما أخبر الله عن إبليس : { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } [ الأعراف : 17 ] فمن{[46907]} أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين فليس عليه الحق{[46908]} ، واليمين ههنا استعارة عن الخيرات والسعادات لأن الجانب الأيمن أفضل من الجانب الأيسر إجماعاً ، ولا تباشر الأعمال الشريفة إلا باليمين ويتفاءلون بالجانب الأيمن ويسمونه البَارِح{[46909]} وكان - عليه ( الصلاة و ) السلام - يحب التيامن في شأنه كله وكاتب الحسنات من الملائكة على اليمين ووعد الله المحسن أن يعطيه الكتاب باليمين . وقيل : إن الرؤساء كانوا يحلفون للمستضعفين أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم ، وقيل : عن اليمين أي عن القوة والقدرة كقوله : { لأََخَذْنَا مِنْهُ باليمين } [ الحاقة : 45 ] .


[46907]:المرجعان السابقان.
[46908]:المرجع السابق.
[46909]:قال ابن منظور في اللسان: والبارح ما مر من الطير والوحش من يمينك إلى يسارك والعرب تتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف والسانح: ما مر بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك والعرب تتيمن به لأنه أمكن للرمي والصيد. وفي المثل: "من لي بالسانح بعد البارح". انظر: اللسان برح 246.