قرأ حمزة{[54431]} ، وأبو بكر بخلاف عنه بكسر الشِّين ، بمعنى أنها تنشىء الموج بجريها ، أو تنشىء السير إقْبَالاً وإدباراً ، أو التي رفعت شراعها ، والشِّراع : القلاع .
وعن مجاهد : كل ما رفعت قلعها فهي من المنشآت ، وإلا فليست منها ونسبة الرَّفع إليها مجاز{[54432]} ، كما يقال : أنشأت السَّحابة المطر .
والباقون : بالفتح ، وهو اسم مفعول ، أي أنشأها الله ، أو الناس ، أو رفعوا شراعها{[54433]} .
وقرأ ابن أبي عبلة{[54434]} : «المُنَشَّآت » بتشديد الشين مبالغة .
والحسن : «المُنشَّأة » بالإفراد وإبدال الهمزة ألفاً وتاء محذوفة خطاً ، فأفرد الصفة ثقة بإفهام الموصوف الجمعية ، كقوله : { وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } [ آل عمران : 15 ] .
وأما إبداله الهمزة ألفاً وإن كان قياسها بين بين ، فمبالغة في التخفيف .
إنَّ السِّباعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[54435]}
أي : «لتهدأ » وأما كتابتها بإلقاء المحذوفة ، فاتباعاً للفظها في الوصل .
و«في البَحْر » متعلق ب «المنشآت » أو «المنشأة » ، ورسمه بالتاء بعد الشين في مصاحف «العراق » يقوي قرءاة الكسر ، ورسمه بدونها يقوي قراءة الفتح ، وحذفوا الألف كما تحذف في سائر جمع المؤنث السالم .
و«كالأعلام » حال ، إما من الضمير المستكنّ في «المنشآت » ، وإما من «الجواري » وكلاهما بمعنى واحد{[54436]} .
فصل في المراد بالجواري{[54437]}
«الجَوَارِي » جمع جارية . وهي اسم أو صفة للسفينة ، وخصها بالذكر ؛ لأن جريها في البحر لا صنع للبشر فيه ، وهم معترفون بذلك ، فيقولون : «لك الفُلْك ، ولك المُلْك » .
وإذا خافوا الغرقَ دعوا الله خاصة ، وسميت السفينة جارية ؛ لأن شأنها ذلك وإن كانت واقفةً في السَّاحل كما سماها في موضع آخر ب «الجارية » ، فقال تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية } [ الحاقة : 11 ] .
وسماها بالفلك قبل أن تكون كذلك ، فقال لنوح عليه الصلاة والسلام : { واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا } [ هود : 37 ] ثم بعد ما عملها سمَّاها سفينة ، فقال : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السفينة } [ العنكبوت : 15 ] .
واعلم أن المرأة المملوكة تسمى أيضاً جارية ؛ لأن شأنها الجري والسعي في حوائج سيدها ، بخلاف الزَّوجة ، فهو من الصفات الغالبة .
و«السفينة » : «فعيلة » بمعنى «فاعلة » عند ابن دريد ، أي : تسفن الماء و«فَعِيلَة » بمعنى «مفعولة » عند غيره بمعنى منحوتة ، قال ابن الخطيب{[54438]} : فالفُلك أولاً ، ثم السفينة ، ثم الجارية .
والأعلام : الجبال ، والعلم : الطويل ، قال : [ الرجز ]
إذَا قطعْنَ علماً بَدَا عَلَمْ{[54439]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقالت الخنساء في صخر : [ البسيط ]
وإنَّ صَخْراً لتَأتَمُّ الهُدَاةُ بِهِ *** كَأنَّهُ علمٌ فِي رَأسِهِ نَارُ{[54440]}
أي «جبل » ، فالسفن في البحر كالجبال في البر .
وجمع «الجواري » ووحد «البحر » ، وجمع «الأعلام » إشارة إلى عظمةِ البحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.