اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

قوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ } التنوين عوض من الجملة ، أي : فيومئذ انشقَّت السَّماء ، والفاء في «فيومئذٍ » جواب الشرط .

وقيل : هو محذوف ، أي : فإذا انشقت السَّماء رأيت أمراً مهولاً ونحو ذلك .

والهاء في «ذنبه » تعود على أحد المذكورين ، وضمير الآخر مقدر ، أي : ولا يسأل عن ذنبه جانّ أيضاً ؛ وناصب الظرف «لا يسأل » و«لا » غير مانعة .

وقد تقدم الخلاف فيها في الفاتحة وتقدمت قراءة «جأنٌّ » بالهمزة فيها أيضاً .

فصل في الكلام على هذه الآية

قال المفسرون : هذه الآية مثل قوله تعالى : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون } [ القصص : 78 ] .

وأن القيامة مواطن لطول ذلك اليوم ، فيسأل في بعض ، ولا يسأل في بعض . وهذا قول عكرمة .

وقيل : المعنى لا يسألون إذا استقرُّوا في النَّار . وقال الحسن وقتادة : لا يسألون عن ذنوبهم ؛ لأن الله - تعالى - حفظها عليهم ، وكتبتها الملائكة{[54506]} . رواه العوفي عن ابن عباس .

وعن الحسن ومجاهد أيضاً : لا تسأل الملائكة عنهم ؛ لأنهم يعرفونهم بسيماهم{[54507]} .

دليله قوله تعالى : { يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ } ، رواه مجاهد عنه أيضاً في قوله تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 92 ] ، وهو قوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } .

قال : لا يسألهم ليعرف ذلك منهم ، ولكنهم يسألهم لم عملتموها ؟ سؤال توبيخ .

وقال أبو العالية : لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم .

وقال قتادة : يسألون قبل الختم على أفواههم ، ثم يختم على أفواههم ، وتتكلم جوارحهم شاهدة عليهم{[54508]} .


[54506]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/599) عن ابن عباس وقتادة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/200) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
[54507]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/599) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/200) عن مجاهد وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".
[54508]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/599).