قوله تعالى : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ } .
قرأ ابن كثير{[54476]} : بكسر الشين والباقون : بضمها ، وهما لغتان بمعنى واحد مثل : «صِوَار » من البقر ، و«صُوَار » وهو القطيع من البقر .
و«الشُّواظ » : قيل : اللَّهب معه دخان .
وقال ابن عباس وغيره : هو اللهب الخالص الذي لا دُخان له{[54477]} .
وقيل : هو الدخان الخارج من اللهب .
وقال رؤبة رحمه الله : [ الرجز ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ونَارَ حَرْبٍ تُسْعِرُ الشُّواظَا{[54478]}
وقال حسَّان رضي الله عنه : [ الوافر ]
هَجَوْتُكَ فاختضَعْتَ لَهَا بِذُلٍّ *** بِقَافِيةٍ تأجَّجُ كالشُّوَاظِ{[54479]}
وقال مجاهد : «الشُّواظ » : اللَّهب الأخضر المنقطع من النَّار{[54480]} .
وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من دخان اللَّهب ليس بدخان الحطب{[54481]} {[54482]} .
وقيل : «الشُّواظ » : النَّار والدخان جميعاً . قاله ابن عمر ، وحكاه الأخفش عن بعض العرب .
و«يُرْسَل » مبني للمفعول وهي قراءة العامة ، وزيد بن علي «نرسل » بالنون شُواظاً ونحاساً بالنصب ، و«من نار » صفة ل «شواظ » أو متعلق ب «يرسل » .
قرأ ابن{[54483]} كثير وأبو عمرو : بجره عطفاً على «نار » .
والباقون : برفعه عطفاً على «شُواظ » .
و«النُّحَاس » : قيل : هو الصفر المعروف يذيبه الله - تعالى - ويعذبهم به .
وقيل : الدخان الذي لا لهب معه .
قال الخليل : وهو معروف في كلام العرب .
يُضِيءُ كَضَوْءِ السِّرَاجِ السَّلِي *** طِ لَمْ يَجْعَل اللَّهُ فيهِ نُحَاسَا{[54484]}
قال المهدوي : من قال : إن الشواظ النار والدخان جميعاً ، فالجر في «نُحَاس » على هذا بين .
فأما الجر على قول من قال : إن الشواظ اللَّهب الذي لا دخان فيه فبعيد لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف كأنه قال : «يرسل عليكما شواظ من نار ، وشيء من نحاس » ف «شيء » معطوف على شواظ ، و«من نحاس » جملة هي صفة لشيء ، وحذف «شيء » وحذفت «من » لتقدم ذكرها في «من نار » كما حذفت «على » من قولهم : على من تنزل أنزل أي : وعليه ، فيكون «نُحَاس » على هذا مجروراً ب «من » المحذوفة ، وتضم نونه وتكسر ، وبالكسر قرأ مجاهد{[54485]} ، وطلحة والكلبي ، ونقله القرطبي عن حميد أيضاً ، وعكرمة ، وأبي العالية{[54486]} .
وقرأ{[54487]} ابن جندب : «ونَحْسٌ » ، كقوله تعالى : { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } [ القمر : 19 ] وابن أبي{[54488]} بكرة ، وابن أبي إسحاق : «ونَحُسُّ » بضم الحاء والسين مشددة من قوله تعالى : { إِذْ تَحُسُّونَهُم } [ آل عمران : 152 ] أي : ونقتل بالعذاب ، وقرأ ابن أبي{[54489]} إسحاق أيضاً : «ونَحس » بضم الحاء وفتحها وكسرها وجر السين ، والحسن والقاضي{[54490]} : «ونُحُسٍ » بضمتين وجر السين .
وتقدمت قرأة زيد : «ونُحَاساً »{[54491]} بالنَّصْب لعطفه على «شُواظاً » في قراءته .
و«النِّحاس » أيضاً بالكسر : الطبيعة والأصل .
يقال : فلان كريم النحاس و«النُّحاس » أيضاً بالضم ، أي : كريم النِّجار{[54492]} .
قال ابن مسعود : النحاس : المهل{[54493]} وقال الضحاك : هو دُرْديّ الزَّيت المغلي{[54494]} .
وقال الكسائي : هو النار التي لها ريح شديدة .
قوله تعالى : { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } أي : لا ينصر بعضكم بعضاً ، يعني الجن والإنس .
وثنّى الضمير في «عَلَيْكُمَا » ؛ لأن المراد النوعان ، وجمع في قوله : «إن اسْتَطعْتُمْ » ؛ لأنه خطاب للمعشر ، وكذا قوله تعالى : { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } خطاب للحاضرين ، وهم نوعان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.