قوله تعالى : { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } .
أجيب القسم لسبقه ، ولذلك رفعت الأفعال ولم تجزم ، وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه ، ولذلك كان فعل الشرط ماضياً{[56006]} .
وقال أبو البقاء{[56007]} رحمه الله : قوله تعالى : { لاَ يَنصُرُونَهُمْ } لما كان الشرط ماضياً ترك جزم الجواب انتهى . وهو غلط ؛ لأن { لاَ يَنصُرُونَهُمْ } ليس جواباً للشرط بل جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف كما تقدم وكأنه توهم أنه من باب قوله : [ البسيط ]
وإنْ أتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْألةٍ *** يَقولُ : لا غَائِبٌ مَالِي ولا حَرِمُ{[56008]} .
وقد سبق أبا البقاء ابنُ عطية إلى ما يوهم شيئاً من ذلك ، ولكنه صرح بأنه جواب القسم ، فقال : «جاءت الأفعال غير مجزومة في «لا يخرجون ولا ينصرون » ؛ لأنها راجعة على حكم القسم{[56009]} لا على حكم الشرط ، وفي هذا نظر » .
فقوله : «وفي هذا نظر » يوهم أنه جاء على خلاف ما يقتضيه القياس وليس كذلك ، بل جاء على ما يقتضيه القياس .
وفي هذه الضمائر قولان{[56010]} :
أحدهما : أنها كلها للمنافقين .
والثاني : أنها مختلفة بعضها لهؤلاء ، وبعضها لهؤلاء .
اعلم أنه - تعالى - عالم بجميع المعلومات التي لا نهاية لها{[56011]} ، وقد أخبر تعالى أن هؤلاء اليهود لئن أخرجوا ، فهؤلاء المنافقون لا يخرجون معهم ، وكان الأمر كذلك ؛ لأن بني النضير لما خرجوا لم يخرج معهم المنافقون ، وقاتلوا أيضاً فما نصروهم ، وهذا كما يقول المعترض الطاعن في كلام الغير : لا نسلم أن الأمر كما تقول ، ولئن سلمنا أن الأمر كما تقول إلا أنه لا يفيد ذلك فائدة فكذا هاهنا ذكر تعالى أنهم لا يخرجون معهم ، وبتقدير أن ينصروهم إلا أنهم لا بد وأن يتركوا النُّصرة وينهزموا ، ويتركوا أولئك المنصورين في أيدي أعدائهم ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : { وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } [ الأنفال : 23 ] .
[ وقيل{[56012]} : معنى لا ينصرونهم : لا يدومون على نصرهم ، هذا على أن الضميرين متفقان على اختلاف الضميرين ، فالمعنى : لئن أخرج اليهود لا يخرج معهم المنافقون ، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } أي : ولئن نصر اليهود المنافقين ليولُّنَّ الأدبار ]{[56013]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.