اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (88)

قوله : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ } المشار إليه هو المَصْدَرُ المفهوم من الفعل قبله ؛ إما الاجْتِبَاءُ ، وإما الهداية ؛ أي : ذلك الاجتباء هو هُدَى ، أو ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم هدى الله ، ويجوز أن يكون " هدى الله " خبراً ، وأن يكون بدلاً من " ذلك " والخبر " يهدي به " ، وعلى الأول يكون " يهدي " حالاً ، والعامل فيه اسم الإشارة ويجوز أن يكون خبراً ثانياً ، و " مِنْ عِبَادِهِ " تَبْيِينٌ أو حال ؛ إما مِنْ " مَنْ " وإما من عَائِدِهِ المحذوف .

فصل في تحرير معنى الهداية

يجوز أن يكون المراد من هذه الهداية معرفة الله -تعالى- وتَنْزِيههُ عن الشرك ؛ لقوله تعالى بعده : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وإذا ثبت ذلك ثَبَتَ أن الإيمان لا يَحْصُلُ إلاَّ بِخَلْقِ الله تعالى .