اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَۚ فَإِن يَكۡفُرۡ بِهَا هَـٰٓؤُلَآءِ فَقَدۡ وَكَّلۡنَا بِهَا قَوۡمٗا لَّيۡسُواْ بِهَا بِكَٰفِرِينَ} (89)

{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } أي : الكتب المُنَزَّلة عليهم ، و " الحكم " يعني العلم والفِقْهَ ، و " النبوة " . والإشارة ب " أولئك " إلى الأنبياء الثمانية عشر المذكورين ، ويحتمل أن يكون المراد ب " آتيناهم الكتاب " أي : الفَهْمَ التَّامَّ لما في الكتاب ، والإحاطة بحقائقه ، وهذا هو الأولى ؛ لأن الثمانية عشر لم ينزل على كل واحد منهم كتاباً إلهياً على التعيين .

قوله { فإنْ يَكْفُرْ بِهَا } هذه " الهاء " تعود على الثلاثة الأشياء ، وهي : الكتاب والحكم والنبوة ، وهو قول الزمخشري .

وقيل : يعود على " النبوة " فقط ، لأنها أقرب مذكور ، والباء في قوله : " لَيْسُوا بِهَا " مُتعَلِّقَةٌ بخبر " ليس " ، وقدم على عاملها ، والباء في " بكافرين " زائدة توكيداً .

فصل في معنى الآية

معنى قوله : " يَكْفُرْ بِهَا هَؤلاءِ " يعني أهل " مَكة " { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِين } ؛ قال ابن عباس : المراد بالقَوْمِ الأنْصَارُ ، وأهل " المدينة " ، وهو قول مجاهد{[14429]} .

وقال قَتَادَةُ والحسن : يعني الأنبياء الثمانية عشر{[14430]} .

قال الزجاج{[14431]} : ويدلُّ عليه قوله بعد هذه الآية : { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } .

وقال أبو رَجَاءٍ العطاردي{[14432]} فإن يكفر بها أهل الأرض ، فقد وكلَّنا بها أهل السماء ، يعني الملائكة ، وهو بعيد ؛ لأن اسم القوم كُلُّ ما يقع على غير بني آدم .

وقال مجاهد : هم الفرس{[14433]} .

وقال ابن زيد : كل من لم يكفر ، فهو منهم ، سَوَاءً كان ملكاً ، أو نبيًّا ، أو من الصحابة ، أو من التابعين{[14434]} .


[14429]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (5/260) عن ابن عباس ومجاهد وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/52) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
[14430]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/52) عن قتادة وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (5/260).
[14431]:ينظر: الفخر الرازي 13/56.
[14432]:ينظر: المصدر السابق.
[14433]:ذكره الرازي في "التفسير الكبير" (13/56) عن مجاهد.
[14434]:ذكره الرازي (13/56) عن ابن زيد.